منظمات حقوقية تحذر من تردي أوضاع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والانكماش المقلق للفضاء المدني في ليبيا

منظمات حقوقية تحذر من تردي أوضاع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والانكماش المقلق للفضاء المدني في ليبيا

9 مارس 2023

نحن نشطاء وأعضاء منظمات المجتمع المدني الليبية والإقليمية والدولية الموقعة أدناه، والمعنية برصد الانتهاكات المستمرة لحقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا، نعرب عن قلقنا البالغ إزاء بيئة الإفلات من العقاب وغياب المساءلة في ليبيا، على نحو يفاقم من مناخ عدم الاستقرار وتقلص الفضاء المدني، لا سيما في ظل تجريم عمل النشطاء وقمع منظمات المجتمع المدني.
مراكز احتجاز المهاجرين واللاجئين
خلال السنوات الـ 6 الماضية، ومنذ توقيع مذكرة التفاهم بين حكومتي إيطاليا وليبيا، قطع خفر السواحل في ليبيا الطريق على ما يقرب من 185 ألف شخص في عرض البحر وإعادتهم لمراكز الاحتجاز في ليبيا، التي تقبع تحت سيطرة الميليشيات. حيث يتعرض المحتجزون لسوء المعاملة والعمل القسري والتعذيب والاغتصاب ويكونوا عرضة للإتجار. فبحسب أحدث أبحاث جامعة تيلبورغ، تعرض ما لا يقل عن 200 ألف لاجئ (معظمهم من إريتريا) للاستعباد والاتجار في ليبيا بين عامي 2017-2021. ووفقًا لتقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، تحت عنوان: خطر محدق وإهانة؛ يتم ترحيل المهاجرين قسرًا من ليبيا. بينما يشير تقرير البعثة الأممية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا في يونيو 2022، إلى وجود أدلة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكب بحق المهاجرين في مراكز الاحتجاز في ليبيا.
منذ عام 2021، يدير جهاز دعم الاستقرار SSA بعض مراكز الاحتجاز الرسمية، وهو وفقًا لمنظمة العفو الدولية: “ميليشيا تمولها الدولة وتعمل دون محاسبة”، وقد ثبت تورطها في اعتراض المهاجرين في عرض البحر. وفي مطلع العام الجاري، أفادت البعثة الأممية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا، في تقريرها الأخير إلى: “انتشار الاحتجاز التعسفي في ليبيا كأداة سياسية للقمع والسيطرة” وأنه على السلطات الليبية اتخاذ خطوات حاسمة لإنفاذ القانون وتحقيق العدالة وإنصاف العدد الهائل من الضحايا الذين يعانون من انتهاكات طويلة الأمد لحقوقهم والقانون الدولي الإنساني.”
سياسات تصدير الحدود وعمليات الإعادة القسرية
يواصل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء اتباع سياسات تصدير الحدود للحد من الهجرة غير الشرعية بكل السُبل الممكنة، بما في ذلك من خلال دعم خفر السواحل الليبية وإمدادها بالتجهيزات، والذين أعادوا 24684 مهاجرًا لليبيا في 2022، فضلاً عن إعادة 3046 أخرين منذ مطلع العام الجاري وحتى الآن. وتُظهر الأدلة كيف سهلت الوكالة الأوروبية لخفر الحدود والسواحل بعض عمليات الإعترض والإعادة القسرية لهؤلاء المهاجرين إلى ليبيا عبر الطائرات والطائرات بدون طيار.
في سياق متصل أفادت المنظمة الدولية للهجرة أنه في عام 2022 توفي نحو 525 شخصًا وفُقد نحو 848 آخرين في عرض البحر المتوسط، بينما من المتوقع أن تكون الأرقام الفعلية للوفيات والمفقودين أعلى بكثير، حسبما أفادت شركة Alarm Phone، في ظل الغياب التام للمعلومات المتعلقة بحطام السفن وأعدادها على طول الساحل، وشيوع عمليات الصد من السفن التجارية.
أما على الحدود البرية فالوضع أيضًا مقلق للغاية. وفقًا للإحصائيات الرسمية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان أفادت أنه في عامي 2020 و2021 تم إرجاع ما لا يقل عن7500 مهاجرًا عبر الحدود البرية لليبيا، معظمهم من المصريون والسودانيون والتشاديون. وفي الآونة الأخيرة، تكثفت عمليات الإعادة القسرية للمهاجرين إلى النيجر والسودان وتشاد، وزادت معدلات قوارب الهجرة من شرق ليبيا وخاصة للمهاجرين المصريين. إذ أحتل المصريون في 2022 المرتبة الثانية عدديًا بين جنسيات المهاجرين عبر ليبيا إلى الشواطئ الإيطالية، بينما جاء المهاجرون التونسيون في المرتبة الأولى. وفي 2021 تم توقيف أكثر من 26500 مصري على الحدود الليبية.
يعاني اللاجئون وطالبو اللجوء في ليبيا والمسجلون لدى المفوضية السامية لشئون اللاجئين من انتهاكات مقلقة، بما في ذلك الاحتجاز والترحيل التعسفي، فضلاً عن غياب الإطار التشريعي لحماية العمال المهاجرين في ليبيا، وطرد القوات الليبية لمئات المهاجرين وتركهم لشبح الجوع أو عصابات الخطف مقابل الفدية.
ففي يناير/كانون الثاني 2023، طردت القوات المسلحة الليبية 600 مهاجرًا محتجزًا في منشأة الكفرة التابعة لإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية، بينهم طالبي اللجوء السودانيين المسجلين لدى مفوضية شئون اللاجئين، ومن المرجح أن كثير منهم قد فقد أو لقي حتفه في الصحراء.
يلتزم الاتحاد الأوروبي بمواصلة “تعزيز قدرة ليبيا على منع الهجرة غير النظامية “حسب خطة العمل الخاصة بالمنطقة الوسطى للبحر المتوسط. إذ خصص الاتحاد الأوروبي 45 مليون يورو لتعزيز مكافحة هذه الظاهرة في ليبيا وتونس، ولتعزيز إدارة حدودهما، بما في ذلك دعم مراكز تنسيق الإنقاذ البحري (MRCC) وأكاديمية تدريب حرس الحدود في ليبيا. لكن ومن ناحية أخرى، يلتزم الاتحاد الأوروبي أيضًا “بإيجاد واستحداث طرق لتحسين عملية إنزال المهاجرين في ليبيا، وذلك وفق ما ذكر في ملف إجراءات آلية التنسيق التشغيلي للبعد الخارجي للهجرة MOCADEM، والمؤلفة من 12 بند بشأن ليبيا. ورغم تأكيدات هيئات الأمم المتحدة ومجلس أوروبا بأن ليبيا ليست مكانًا آمنًا لإنزال المهاجرين، ورغم ما تفرضه الاتفاقيات المبرمة من التزامات في هذا الصدد، لا يزال الاتحاد الأوروبي يقف صامتًا أمام هذا الوضع المقلق الخاص بالمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء. وفي 6 فبراير 2023، سلمت الحكومة الايطالية لخفر السواحل الليبي أولى سفن الدوريات الخمس المعلن عنها (في إطار ميزانية الاتحاد الأوروبي) وذلك بحضور المفوض الأوروبي للجوار اوليفر فارهيلي.
أن أوجه التعاون بين الاتحاد الأوروبي وبعض دوله وبين السلطات الليبية في مجال الهجرة، قد يتسبب في عرقلة عملية الاستقرار في ليبيا، ويعزز دائرة العنف المرتبطة بالاعتراض، كما يتسبب الاحتجاز التعسفي للمهاجرين في تعزيز عمل الميليشيات المحلية والمتاجرين بالبشر والمتربحين من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين.
وعليه، تطالب المنظمات الموقعة أدناه، الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بما يلي:
● التأكد من أن أي اتفاقيات أو تعاون بين ليبيا وبين الاتحاد الأوروبي أو أعضائه؛ يتوافق مع القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي.
● ضمان الشفافية والإفصاح عن آليات المراقبة والمتابعة التي اعتمدها الاتحاد الأوربي لضمان سلامة وأمن المهاجرين في عرض البحر وفي نقاط الإنزال ومراكز الاحتجاز الخاصة بالمهاجرين واللاجئين.
● الضغط على السلطات الليبية وتشجيعها على فتح تحقيقات جدية حول انتهاكات حقوق الإنسان ومدى تنفيذ توصيات بعثة تقصي الحقائق الأممية بشأن ليبيا.
● التوقف عن تقديم الدعم المادي والمالي الموجه لتعزيز قدرة ليبيا على اعتراض الأشخاص في البحر و / أو البر، على نحو يؤدي إلى تدهور أوضاع وحقوق المهاجرين واللاجئين وزيادة عمليات الإعادة القسرية والعنف ضدهم.
● ضمان الشفافية والمحاسبة فيما يتعلق بأوجه إنفاق ميزانية الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في مشاريع إدارة الحدود في ليبيا.
● انطلاق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء من دعم عملية السلام والاستقرار في ليبيا، بدلا من التركيز فقط، وبشكل مفرط، على إدارة الحدود.
● التأكيد على أن ليبيا ليست مكانًا آمنًا لإنزال المهاجرين بعد إنقاذهم من البحر، والتعهد بتنفيذ عملية بحث وإنقاذ في المتوسط من قبل الاتحاد الأوروبي؛ واحترام واجب البحث والإنقاذ.
● تعزيز المسارات الآمنة والقانونية للهجرة إلى الاتحاد الأوروبي.
● الضغط على السلطات الليبية لضمان احترام حرية تكوين الجمعيات، وذلك من خلال:
– وقف حملة التحقيقات الواسعة والممنهجة والاعتقال التعسفي للمدونين الليبيين، سواء أعضاء منظمات المجتمع المدني الليبي، أو العاملين منهم في منظمات دولية.
– السماح لمنظمات المجتمع المدني الليبية بالتعاون بحرية مع آليات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية دون موافقة أمنية مسبقة؛ والعمل على وقف كافة أشكال الأعمال الانتقامية بحق أعضاء المجتمع المدني الليبي بسبب تواصلهم مع المجتمع الدولي حول أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.
– السماح لمنظمات المجتمع المدني الليبية بزيارة مراكز احتجاز المهاجرين دون موافقة مسبقة من الأجهزة الأمنية.
– تجميد أي قرارات بتعليق أو حل منظمات المجتمع المدني الليبية دون حكم قضائي مسبق؛ والاحترام الكامل لحق في المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية السليمة عند إصدار أي أحكام من هذا القبيل.

قائمة الموقعين:
• مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
• الأورومتوسطية للحقوق
• اللاجؤون بليبيا
• المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
• آن بونت بار
• منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري
• المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان
• المركز الليبي لحرية الصحافة
• منظمة شباب من أجل تاورغاء
• منظمة رصد الجرائم الليبية
• المنظمة الليبية للمساعدة القانونية
• مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان
• مركز مدافع لحقوق الإنسان
• مركز ليبيا المستقبل للإعلام والثقافة
• جمعية عدالة للجميع لحقوق الإنسان

2022 عام الضغوطات المهنية والمٌغامرات المحفوفة بالمخاطر.

2022 عام الضغوطات المهنية والمٌغامرات المحفوفة بالمخاطر.

  • 
    

تقرير سنوي مٌوجز

طرابلس _ 5 يناير

مَـــر علينا سريعاً عـــام 2022، ونحن على أبواب عام 2023 الجديد ونقترب لإشعال شمعتنـا العاشرة من عٌمر المركز الليبي لحرية الصحافة، فيما لايزال العديد من الأعمال والمهام التي لابد من القيام بها للمضي قدوماً مع فريق عمل راهن على النجاح والتأثير في بيئة تتسم بالتحديات الصعبة والضغوطات المهنية المٌتزايدة علينا جميعاً خصوصاً أولئك الذين يعملون في المجتمع المدني الليبي في ظل هشاشة الوضعية القانونية وتزايد المخاطر الأمنية وتعقدها.

ولعل أبرز سمة للعام الماضي هي التقلص الكبيرة في مساحة عمل المجتمع المدني بسبب الإجراءات التعسفية التي تتخذها مفوضية المجتمع المدني شرقاً وغرباً فضلاً عن صمودنا ورفضنا للعديد من قرارات حكومة الوحدة الوطنية التي تصفها بالإصلاحية ونصفها بالانتقائية والإنتقامية.

ركزنا خلال العام المٌنصرف 2022 على تطوير مؤسستنـا من الداخل وتحديث سياساتها وهيكليتها الإدارية والتنفيذية ورؤيتها في دعم حرية التعبير وإجراء الإصلاحات الحقيقية والجذرية لتعزيز استقلالية قطاع الصحافة والإعلام الليبي، والدفع قدوماً نحو تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين الذين لا يزالوا يوجهون ظروف استثنائية حرجة، تدفعهم لفرض رقابة شديدة على أعمالهم.

ولعل جهودنا المتواصلة في مكافحة خطاب الكراهية والمعلومات المٌضللة والتي انطلقت منذ 2017، لا تزال تجد صدي وتفاعل واسع على المستوي الوطني، وقد توجناها بعمل مٌضني وأكثر احترافية بمنصة فالصو لرصد خطاب الكراهية والاخبار الزائفة.

2022 كان عام مٌزدحم بالنقاشات والجلسات التوجيهية وطاولات الحوار المٌستديرة التي استهدفت شرائح عدة من المجتمع الليبي كالأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والقٌضاة ووكلاء النيابة والمٌحاميين وقادة الأحزاب السياسية والمٌرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المُتعثرة، بجانب الصحفيين ومدققي الحقائق، بهدف رسم ملامح رؤية وطنية قائمة على إصدار تشريعات وطنية جديدة تؤسس لعهد جديد من الحٌريات الإعلامية وإحداث قطيعة مع التوجيه والخطاب الإعلامي المٌتشنج وحالة التشظي.

ولأننا نؤمن إن الحوار المفتوح على أرضية مٌشتركة مكننا من إجراء مناقشات حية ومٌباشرة مع 250 شخصية ليبية من شرائح عدة بالمجتمع الليبي، في 8 مٌدن ليبية رئيسية.

أضحت العديد من قرارات حكومة الوحدة الوطنية ، تصب في إطار السيطرة ومحاولة توجيه وسائل الإعلام العامة والخاصة ، ولعل قرار الحكومة رقم 811 لسنة 2022 بشأن تنظيم البث الإذاعي والتلفزيوني والذي يفتقر لأبسط مقومات ” الاستقلالية والتعددية لوسائل الإعلام ” ما دفعنـا للتوجه للدائرة الإدارية بالمحكمة الاستئناف للطعن في قانونية قرار الحكومة والذي يتعارض مع التزامات ليبيا وفقاً للاتفاقيات الدولية والإعلان الدستوري في البلاد ، بل إن الحكومة تٌحاول فرض رسوم باهظة التكلفة دون أي خدمات تٌقدمها في محاولة إنتقامية وانتقائية في التعامل مع منح التراخيص والبث .

وسعنـا أعمالنا في برامج التدريب والتأهيل فبعد أعوام طويلة في التدريب حول السلامة الجسدية والرقمية التي استفاد منها أكثر من 400 صحفي ومٌدون وناشط ليبي، بالإضافة لبرامج الصحافة وحقوق الإنسان والتي استفاد منها أكثر من 225 صحفي ليبي في 5 مٌدن ليبية، شرعنـا في برامج التدريب حول التغطية الإعلامية للانتخابات في سياق الأوضاع الحساسة والتي استفاد منها 45 صحفي /ة ليبي حتى الأن، وبرامج التربية الإعلامية وتدقيق الحقائق والتي تستهدف طٌلاب الجامعات والمٌعاهد العٌليا.

لقد أنتج فريقنا خلال العام الماضي مواد بصرية وسمعية عدة ومنشورات صحفية وبيانات معلومات، في إطار التوسع وإشراك الجمهور العريض والعام في أعمالنا وبرامجنا والانفتاح بشكل أكبر وبناء جسر للتواصل مع عموم الشعب.

أخيرا يبق عام 2022 عام المخاطر الأمنية وهشاشة الوضعية القانونية لأعمالنا وجهودنا، واستمرار الضغوطات المهنية التي نواجها، لكننا حتماً سننتصر عليها.

محمد الناجم

المدير التنفيذي

منظمات حقوقية تطالب مجلس النواب الليبي بإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية فورًا

منظمات حقوقية تطالب مجلس النواب الليبي بإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية فورًا

 

تطالب المنظمات الموقعة أدناه مجلس النواب الليبي بإلغاء القانون رقم (5) لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية الصادر في 27 سبتمبر 2022. كما تدعو السلطات الليبية إلى عدم تطبيقه بسبب مساسه بصفة مباشرة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية وعلى رأسها الحق في حرية التعبير والرأي والحق في حرية التجمع السلمي بالإضافة إلى الحق في الخصوصية وحماية المعطيات الشخصية. كما يقنن هذا النص الرقابة الشاملة للسلطة التنفيذية على الفضاء الرقمي دون إذن قضائي مع إمكانية حجب المواقع والمحتوى. 

 

بعد قرابة السنة من المصادقة عليه بتاريخ 26 أكتوبر 2021، قرر مجلس النواب الليبي إصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يوم 27 سبتمبر 2022 دون سابق إنذار وفي تجاهل تام للمطالب السابقة لمنظمات المجتمع المدني وأربعة من المقررين الخواص للأمم المتحدة بسحب القانون وعدم تطبيقه نظرا لتعارضه مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والتزامات ليبيا الدولية، إضافة لغياب مبدأ الحوار والتشارك مع مختلف الفاعلين وأصحاب المصلحة عند صياغته. 

 

في هذا الإطار، يهم المنظمات الموقعة على هذا البيان التذكير بأبرز المخاطر التي يشكلها هذا القانون والذي لم يكن متاحا إلا في شكل تسريبات على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يقوم مجلس النواب بنشره بصفة رسمية على صفحته على منصة فيسبوك بعد بضعة أيام من صدوره بصفة فعلية.

مصطلحات عامة وفضفاضة مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان

تنص المادة الرابعة من القانون على أن يكون “استخدام شبكة المعلومات الدولية ووسائل التقنية الحديثة مشروعة ما لم يترتب عليه مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة”، معتبرة بصفة آلية أن كل استعمال قد يخالف مصطلحات فضفاضة مثل “النظام العام” أو”الآداب العامة” غير مشروع وبالتالي غير قانوني. كما تنص المادة السابعة أنه بإمكان الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات “حجب كل ما ينشر النعرات أو الأفكار التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره أو المساس بسلمه الاجتماعي” دون تحديد واضح لمعنى “أمن المجتمع” و”سلمه الاجتماعي”، وتفرض المادة الثامنة على نفس الهيئة حجب المواقع أو الصفحات الإلكترونية التي تعرض مواد “مخلة بالآداب العامة”. كما نصت المادة 37 على عقوبات سجنية ومالية قاسية لـ“كل من بث إشاعة أو نشر بيانات أو معلومات تهدد الأمن والسلامة العامة في الدولة أو أي دولة أخرى”. 

 

إن استعمال العبارات والمصطلحات الفضفاضة على غرار ما سبق يُخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان المعتمدة في صياغة التشريعات المتعلقة بتقييد حق الرأي والتعبير، إذ يجب على هذه النصوص أن “تُصاغ بدقة كافية حتى يتسنى للفرد ضبط سلوكه وفقا لها” مثلما نص عليه التعليق العام رقم 34 لمجلس حقوق الإنسان حول المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه ليبيا منذ 15 ماي 1970. ومن شأن عدم دقة أحكام هذا القانون أن تؤدي إلى منح سلطة تقديرية واسعة سواء للقضاء أو للسلطة التنفيذية، ممثلة في الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات (NISSA)، للحد من استعمالات الفضاء الرقمي وما لذلك من تبعات على الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، دون ضوابط قانونية واضحة ومشروعة ومحددة سلفًا. 

 

رقابة شاملة وحجب مواقع ومحتوى دون أذون قضائية

 

تعتبر المادة السابعة من هذا القانون في غاية الخطورة، حيث تتيح للهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات فرض رقابة شاملة على كل المعطيات المنشورة والمعروضة على شبكة الإنترنت أو “أي نظام تقني آخر”، كما يمنح للهيئة سلطة حجب “كل ما ينشر النعرات أو الأفكار التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره أو المساس بسلمه الاجتماعي”. إن منح كل هذه السلطة التقديرية الواسعة لجهاز تنفيذي تحت عبارات عامة وفضفاضة هو في تعارض تام مع التزامات ليبيا الدولية وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو ما نبهنا إليه سابقا وأشار إليه المقررين الخواص في رسالتهم المشتركة إلى السلطات الليبية بتاريخ 31 مارس 2022. وأوضحت الرسالة أن حجب المحتوى الإلكتروني يكون في إطار محدد إثر قرار من سلطة قضائية مستقلة ومحايدة وفي توافق مع مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب. كما اعتبر المقررين أن على الدول الامتناع عن المراقبة القبلية للمحتوى مثلما هو الحال في هذه المادة. 

 

كما يضيف غموض عبارة “أي نظام تقني آخر” معضلة أخرى في مدى إمكانية توسع الهيئة في مراقبة نظم تكنولوجية ووسائل تواصل أخرى قد لا تكون مشمولة بكافة مواد هذا القانون، مما يخلق حالة من عدم الوضوح القانوني قد توظفه السلطة التنفيذية في غير محله خاصة مع غياب دور واضح لسلطة مُوازنة وضامنة لعدم انحراف السلطة التنفيذية في تطبيق وتفسير القانون ممثلة في السلطة القضائية.

 

بناء على ما سبق، تعتبر هذه المادة مخالفة للحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، لأنها تقوض الحق في مشاركة وتقبل المعلومة في الفضاء الرقمي التي قد يتم حجبها حسب تقدير الهيئة وفي غياب لرقابة قضائية، خاصة في ظروف سياسية معينة مثل الاحتجاجات أو الفترات الانتخابية، حيث تمثل الإنترنت وسيلة رئيسية للجماهير للبحث عن المعلومة وإمكانية التنظم للتعبير عن رأيهم وتوجهاتهم بعيداً عن رقابة السلطة التنفيذية القائمة، وهو نفس الاستنتاج الذي ذهب إليه المقررين الخواص. 

تهديدات خطيرة لحرية الصحافة والنشر والتعبير

 

مثلما كان عليه الحال في النسخة المسربة سابقا على وسائل التواصل الاجتماعي، أبقى البرلمان على المادتين 13 و47 المتعلقتين تباعا ب”الاعتراض أو التعرض” و”التنصت غير المشروع” في النسخة النهائية الصادرة مؤخرا. تمثل هاتين المادتين تهديدا واضحا لحق الصحفيين في النفاذ إلى المعلومات والتواصل مع المبلغين والمصادر ونشر المعطيات المتحصل عليها في إطار دورهم الإعلامي، وبالتالي حرمان عموم المواطنين والمواطنات من حقهم في المعلومة عبر صحافة حرة غير خاضعة لتقديرات السلطة التنفيذية في تأويل عبارات عامة وفضفاضة مثل “النظام العام” أو “المصلحة العامة”. كما يشمل الغموض تعريف عبارة “الاعتراض” الواردة في المادة الأولى على أنها “مشاهدة البيانات أو المعلومات أو الحصول عليها”، مما يوسع في السلطة التقديرية سواء للسلط التنفيذية أو القضائية في تأويل كل ما يمكن الحصول عليه عبر “الأنظمة الإلكترونية”. 

 

وتتعارض هذه الإجراءات مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الثانية التي تنص أنّ “لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”، وهذا ما أكدناه سابقا وما أكدته مراسلة المقررين الخواص للأمم المتحدة الموجهة للسلطات الليبية. 

 

قد تزيد هذه الإجراءات من هشاشة وضع الصحافة في ليبيا، حيث أن الصحفيين والصحفيات يتعرضون بصفة مستمرة للتضييقات والتهديدات والعنف الجسدي مما جعل ليبيا في ترتيب متأخر في مؤشر حرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود، إذ تحتل الرتبة 143 من جملة 180 بلدا، وبالتالي تكون مطية قانونية لشرعنة هذه الانتهاكات في ظل مناخ يتسم بعدم الاستقرار السياسي وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب

اعتداء مقنن على الخصوصية وتهديد للأمن الرقمي للمواطنين والمواطنات

 

جرمت المادتين 9 و 39 من القانون حيازة وسائل التشفير واستعمالها، حيث نصت المادة 39 أنّه “يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن 20000 عشرين ألف دينار ولا تزيد على 100000 مائة ألف دينار كل من أنتج أو حاز أو وفر أو زرع أو سوق أو صنع أو صدر أو استورد وسائل تشفير دون ترخيص أو تصريح من قبل الجهة المختصة في الدولة”، وحسب المادة 9 فإن هذه الجهة المختصة هي الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات، أي نفس المؤسسة التابعة للسلطة التنفيذية التي مكنها القانون من سلطة رقابة مطلقة على كل ما ينشر ويعرض في الفضاء الرقمي. 

 

تعتبر وسائل التشفير الرقمي من أهم المكتسبات التي تمكن المواطنين والمواطنات من ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير مع احترام حقهم في الخصوصية، وبالتالي لا يجوز لأي سلطة أن تحد من امكانية حيازتها أو استعمالها إلا في حالات محددة تضبطها شروط الشرعية والضرورة والتناسب، وهو ما يتعارض مع محتوى المادتين 9 و 39 من هذا القانون. وفي هذا الصدد، أكد المقرر الأممي الخاص لحرية الرأي والتعبير رفقة عدد من الخبراء في الإعلان المشترك حول تحديات حرية التعبير في العقد القادم الصادر سنة 2020 أنه يجب على الدول أن “تمتنع عن إستعمال قيود اعتباطية أو غير قانونية على استخدام تقنيات التشفير وإخفاء الهوية”، وهو عكس ما جاء به هذا القانون الذي قيد استعمال هذه الوسائل ب”ترخيص أو تصريح” من قبل هيئة تابعة للسلطة التنفيذية وحدد عقوبات زجرية لكل من يخالف هذا الإجراء. 

 

إذا أخذنا بعين الاعتبار هذا الحصار المفروض على وسائل التشفير مع ما منحه القانون من سلطة رقابة شاملة وإمكانية حجب المحتوى والمواقع، بالإضافة إلى المواد التي تهدد حرية العمل الصحفي وحق المواطنين والمواطنات في التعبير عن رأيهم والحصول على المعلومات، يصبح من الجلي أن هذا التشريع يشكل خطراً داهما على حقوق الإنسان والحريات العامة في ليبيا وعلى رأسها الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والحق في الخصوصية.

تنقيحات غير ذات معنى في ظل قانون يهدم أبجديات الحقوق والحريات الرقمية 

 

احتوت النسخة المصادق عليها من قبل مجلس النواب بتاريخ 27 سبتمبر 2022 سبع تغييرات مقارنة بالنسخة التي توفرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أكتوبر من سنة 2021. تمثلت هذه التغييرات في تعديل تعريف القرصنة الإلكترونية في المادة 3 ليصبح “الاستخدام أو النسخ غير المشروع لنظم التشغيل أو البرامج الحاسوبية المختلفة في نظام الحماية الخاصة” عِوَض “الاستخدام أو النسخ غير المشروع لنظم التشغيل أو البرامج الحاسوبية المختلفة والاستفادة منها شخصيا أو تجاريا”، كما تمت إضافة تعريف جديد يخص الهيئة حيث عرفها المشرع على أنها “الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات المنشأة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 28 لسنة 2013م”. تم أيضا تغيير عنوان المادة 6 إلى “الأعمال الأدبية أو الفنية أو العلمية” بدلا من “الأعمال الأدبية أو الفنية أو العلمية الرقمية”.

 

بالإضافة إلى هذه التنقيحات، وردت أخرى تخص بعض الإجراءات والعقوبات، حيث تم تعديل المادة 7 في فقرتها الثانية بحذف “وفي غير أحوال الضرورة الأمنية والاستعجال” ليصبح نص المادة في فقرة واحدة كالآتي “يجوز للهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات مراقبة ما ينشر ويعرض عبر شبكة المعلومات الدولية أو أي نظام تقني آخر، وحجب كل ما ينشر النعرات أو الأفكار التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره أو المساس بسلمه الاجتماعي، ولا يجوز مراقبة الرسائل الإلكترونية أو المحادثات إلا بأمر قضائي يصدر عن القاضي الجزئي المختص.” كما تم تعديل مدة العقوبات في المادة 13 حول الاعتراض والتعرض بزيادة مدة الحبس من ستة أشهر إلى سنة، وفي المادة 45 حول مساعدة الجماعات الإرهابية حيث تم حذف عبارة “المؤبد” لتكون “يعاقب بالسجن” عوض “يعاقب بالسجن المؤبد”.

 

تبقى هذه التنقيحات غير ذات معنى في ظل قانون يكرس الرقابة الشاملة ويمنح الأجهزة التنفيذية سلطة حجب المواقع والمحتوى ويفرض قيودا على استعمال وسائل التشفير، في ظل مصطلحات فضفاضة مثل “الآداب العامة” أو “النظام العام” وفي تعارض تام مع مبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وخلافا لتعهدات ليبيا الدولية وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والإعلان الدستوري المؤقت الصادر في 3 أغسطس 2011 وتعديلاته حيث ينص في مادته السابعة على أن “تصون الدولة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتسعى إلى الانضمام للإعلانات والمواثيق الدولية والإقليمية التي تحمي هذه الحقوق والحريات، وتعمل على إصدار مواثيق جديدة تكرم الإنسان كخليفة الله في الأرض.”

 

تبعا لما سبق، فإن مكونات المجتمع المدني والمنظمات الموقعة أدناه:

 

  1. تطالب مجلس النواب الليبي بالإلغاء الفوري للقانون رقم (5) لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية.
  2. تدعو السلطات الليبية إلى عدم تطبيق هذا القانون والعمل على صياغة قانون جديد يتماشى مع الإعلان الدستوري الليبي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان والتزامات ليبيا الدولية.
  3. تطالب مجلس النواب وباقي السلطات الليبية إلى اعتماد مبدأ الحوار والتشارك مع المجتمع المدني الليبي والمنظمات الدولية المختصة عند صياغة أي مشروع قانون يخص الحقوق والحريات الأساسية.

 

المنظمات والجمعيات الموقعة:

 

أكساس ناو 

هكسا كونكشن

مبادرة أنير

رصد الجرائم الليبية

محامون من أجل العدالة في ليبيا 

المركز الليبي لحرية الصحافة 

شبكة اصوات للإعلام

شبكة انسم للحقوق الرقمية – العراق

منظمة سمكس للحقوق الرقمية

المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب

المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان

منّا لحقوق الإنسان

المنظمة الليبية للمساعدة القانونية

مركز مدافع لحقوق الإنسان

عدالة للجميع

مركز ليبيا المستقبل للإعلام والثقافة

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

مراسلون بلا حدود

مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان 

منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري 

منظمة شباب من أجل تاورغاء

المادة 19

المجتمع المدني الليبي يطالب باعتذارٍ عقب لقاء المحكمة الجنائية الدولية بمتهمٍ بجرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية

المجتمع المدني الليبي يطالب باعتذارٍ عقب لقاء المحكمة الجنائية الدولية بمتهمٍ بجرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية

في ردٍّ على اللقاء الذي جمع كريم خان، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية (أو المحكمة)، بخليفة حفتر، قائد القوات المسلّحة العربية الليبية، المعلنة ذاتياً، في مكتب الأخير في بنغازي، يُطالب المجتمع المدني الليبي باعتذارٍ من المدعي العام وبالمساءلة عن أعماله.

خليفة حفتر المسؤول وفق ما تفيد الادعاءات بحقه عن ارتكاب عددٍ كبير من الجرائم الدولية الخطيرة وانتهاكات حقوق الإنسان. وقد وُجهت إليه تهم بارتكاب جرائم حرب من قبل محكمة أميركية، كما أنّه موضع تحقيقٍ جنائي في فرنسا على خلفية ادعاءات ضدّه بالتعذيب، وقد سبق له أن رفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية من خلال الامتناع عن تسليم متهمٍ مطلوب. وكان كريم خان، وفي تقريره إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل 2022 قد أعلن أنّ مكتبه جمع سلسلةً من الأدلة على قيام القوات المسلّحة العربية الليبية بارتكاب جرائم دولية خطيرة، بما في ذلك “ضربات جوية عشوائية وقصف للمناطق المأهولة بالمدنيين، وأعمال خطف واحتجاز تعسّفية؛ وتعذيب المدنيين؛ وأعمال قتل خارج نطاق القضاء؛ وعمليات اختفاء قسري؛ ونهب للممتلكات المدنية”. ومنذ فترةٍ وجيزةٍ لا تتعدّى الأسبوع الماضي، أعلن حفتر عن هجوم عسكري آخر يخطّط لشنّه على طرابلس.

ولا شكّ أنّ لقاء المدعي العام بحفتر مسيء للغاية ليس فقط بحق ضحايا جرائم حفتر المزعومة، ولكن بحق جميع الضحايا والمجتمعات المحلية المتضررة من الجرائم التي أُنشئت المحكمة للتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها. وما يزيد الأمر سوءاً أنّ اللقاء قد تمّ بعد مدة وجيزة على لقاء المدعي العام بمجموعات الناجين وأسر الضحايا في مدينة ترهونة، التي كانت تقع تحت سيطرة حفتر ومكان عددٍ من المقابر الجماعية التي تُحقق فيها المحكمة وبعثة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في ليبيا.

وجاء افتقار المدعي العام للحساسية حيال الوضع على الأرض بمثابة إهانة صادمةٍ بالنسبة إلى المدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة من المجتمع المدني الذين يعملون بلا كلل، على حساب سلامتهم وأمنهم، لدعم عمل المحكمة.

وفي هذا السياق، علّق علي العسبلي، رئيس منظمة رصد الجرائم الليبية ومحتجز سابق في سجن قرنادة: “هذا اللقاء هزّ ثقتنا جميعاً في عدالة المحكمة وأكد أنّها مسيّسة! كيف يلتقي القاضي مع الجلاّد في مكتبه؟ كنا ننتظر مذكرات قبض على المسؤولين عن جرائم الحرب في ليبيا وليس مصافحتهم وتبادل الابتسامات معهم.”

إنّ استعداد كريم خان لعقد لقاء علني مع رئيس جماعة مسلّحة تصارع من أجل كسب الشرعية السياسية والدولية يقوّض بشكل خطير مصداقية المحكمة، ويشكّك في حيادها وشرعيتها في النظر في الحالة في ليبيا. ونتيجةً لذلك، تزعزعت ثقة الضحايا وجميع الليبيين بالمحكمة إلى حدّ كبير، وكذلك استعدادهم للتعاون معها. وهو ما من شأنه أن يعيق قدرة المحكمة في نهاية المطاف على التحقيق في الجرائم المرتكبة في ليبيا.

وقال مدافع آخر عن حقوق الإنسان يعمل عن كثب مع الضحايا في ترهونة: ” من المؤسف أن نرى حُراس العدالة الدولية والمؤتَمَنِين عليها يصافحون بأيديهم كبار مسؤولي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بدلاً عن مساءلتهم ومحاسبتهم، في مشهدٍ مخيّب لآمال الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان.”

وعليه، تطالب المنظمات الموقعة أدناه باعتذارٍ من المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام إلى الضحايا والمجتمع المدني في ليبيا. كما نطالب المحكمة بالتحقيق في أفعال كريم خان وضمان خضوعه للمساءلة من خلال الإجراءات التأديبية اللازمة.

محامون من أجل العدالة في ليبيا

منظمة رصد الجرائم الليبية

حركة النساء الأمازيغيات

المركز الليبي لحرية الصحافة

مصدر الصورة : صفحة القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية-الرسمية على الفيس بوك

جمعية عدالة للجميع 📬 خطوة إيجابية : تم تعليق القرارالمقيد للحريات الجمعياتية رقم 286 مؤقتاً

جمعية عدالة للجميع 📬 خطوة إيجابية : تم تعليق القرارالمقيد للحريات الجمعياتية رقم 286 مؤقتاً

صدر، اليوم الاثنين 18 يوليو 2022، حكم من القضاء المستعجل ببنغازي في ليبيا بتعليق القرار رقم 286 مؤقتاً والذي يقيد ويعطل عمل الجمعيات ؛ و يعتبرهذا الحكم خطوة مهمة جداً إذ طالبت جمعيات المجتمع المدني الوطني والدولي، كانت ضمنهم  جمعية عدالة للجميع (بيان 3 جوان 2022)، بسحب اللائحة التنفيذية رقم 286 بعنوان تنظيم عمل مفوضية المجتمع المدني الصادرة سنة 2019، و ذلك لمخافتها للإعلان الدستوري المؤقت الليبي والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إذ طبقا لهذه اللائحة، لمفوضية المجتمع المدني الحق حصريا في قبول أو رفض التسجيل والموافقة للجمعيات كما لها أيضا صلاحية رفض أو تجميد الحسابات البنكية والتمويل علاوة عن اجبارية حصول الجمعيات على تصريح مسبق من المفوضية قبل التواصل مع الهيئات والمؤسسات الدولية واجبارية إذن مسبق للسفر في إطار مشاركة في فعاليات خارج البلاد ؛ و تعد هذه التقيدات تعطيل فعلي لعمل الجمعيات و إنتهاكا للحريات.

 الجمعيات في ليبيا غير ملتزمة منذ الآن بتطبيق  القرار رقم 286 

لذا، يعتبر الحكم الصادر اليوم بتعليق العمل باللائحة 286 خطوة إيجابية لحين سحبها تماما وينجر عن هذا الحكم ومنذ الآن عفوا قضائيا للجمعيات بالإلتزام حاليا بتنفيذها. وقد ذكرت جمعية عدالة للجميع أن الائحة 286 هي قرار اداري مخالاف لنص المادتين 14 و 15 من الإعلان الدستوري الليبي والذي ينص على أن حرية تكوين الجمعيات يتم تنظيمه بقانون و هو اختصاص أصيل للسلطة التشريعية و ليس للسلطة التنفيذية وفقا للحكم الصادرعن  المحكمة العليا الليبية