ديسمبر 4, 2022
29 نوفمبر 2022
الافتقار للمسارات القانونية للهجرة، ارتفاع عدد الوفيات في البحر، وغياب إجراءات تحديد هوية جثث الضحايا.. كابوس رحلة اللاجئين المهاجرين إلى الموت
بعد شهر من غرق سفينة قبالة جرجيس في تونس، وخمسة أشهر من مجزرة نقطة العبور بين الناظور ومليلية في المغرب، وبينما يتراكم حطام السفن وتتصاعد معدلات فقدان الأرواح قبالة سواحل البحر الأبيض المتوسط، تبقى البلدان والجهات المسئولة عن هذه المآسي بمعزل عن العقاب على نحو مخزي. وفي هذا السياق، تواصل المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه دق ناقوس الخطر، مستنكرة هذه الفظائع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
2021- 2022.. تصاعد مستمر في عدد الوفيات
وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مشروع المهاجرين المفقودين للمنظمة الدولية للهجرة، فقد 5684 رجلاً وامرأة وطفل أرواحهم على طرق الهجرة إلى أوروبا وفي داخلها منذ بداية عام 2021. بينما تشير الاحصائيات إلى وفاة 29 ألف لاجئ في البحر على الأقل منذ 2014. هذه الأرقام المفزعة للوفيات ربما هي أقل من الأعداد الحقيقية، إذ اخذنا في الحسبان أعداد السفن المفقودة في البحر الأبيض المتوسط وفي المحيط الأطلسي، وما عثر عليه من حطام لبعضها.
هذه ليست مجرد أرقام، وإنما حيوات أشخاص وعائلات، نساء وأطفال؛ يتطلع ذويهم وأصدقائهم وأحبتهم إلى معرفة كيف فقدوا حياتهم، والتعرف على جثامينهم، ودفنهم دفنًا كريمًا، والحداد عليهم.
وفي الأشهر الـ 6 الأولى للعام الجاري 2022، ووفقًا لتقرير كاميناندو فرونتيراس، توفي 978 شخصًا، بينهم 41 قاصر، على طريق الهجرة إلى إسبانيا. وفي الطريق إلى جزر الكناري، فقد 800 شخصًا حياته، بينما اختفى 18 قاربًا، توفي جميع ركابهم. هذا مع العلم أن 90 ٪ من الضحايا يختفون في البحر ولا يتم العثور على جثثهم.
وفي يوليو 2022 وحده، توفي 300 شخصًا أثناء محاولتهم الوصول لجزر الكناري من السنغال. بينما في أول أغسطس اختفى قارب يحمل 14 شخصًا بعد مغادرته تيبازة بالجزائر، وتوفي 18 شخصًا بينهم طفل قبالة طرفاية في المغرب، منتصف الشهر نفسه، بعدما انتظروا فرق الإنقاذ لمدة 8 ساعات. وفي مطلع أكتوبر أنقذت سفينة تجارية رجلاً على متن زورق في المحيط الأطلسي، معه 4 جثث لذكور متوفين، بينما لم يتم العثور على 29 آخرين كانوا معه. وفي 28 أكتوبر، جرفت المياه جثث 34 شخصًا على شاطئ جنوب الداخلة.
هذه الوقائع ليست إلا أمثلة قليلة لضحايا اليأس من المهاجرين عبر البحر.
أسباب قابلة للحل
هذه الوقائع وما تتضمنه من عنف بحق المهاجرين وارتفاع مفزع في أعداد الوفيات بينهم، هي نتيجة مباشرة لنهج السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء فيما يتعلق بملف الهجرة، والذي يركز بشكل أساسي على مزيد من السيطرة وتأمين الحدود البحرية لدول شمال إفريقيا.
أدت هذه السياسات وما أسفر عنها من إجراءات إلى اتخاذ اللاجئون المهاجرون طرق أكثر خطورة، وبالتالي زيادة عدد الوفيات. فعوضًا عن فتح طرق آمنة وقانونية للهجرة، وتعزيز آليات البحث والإنقاذ في البحر، يواصل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء اتباع سياسات أمنية قاتلة حيال ملف اللاجئين.
ولعل موافقة الحكومة الإسبانية على دفع 30 مليون يورو إضافية للمغرب مقابل مراقبة الحدود لهو مثال صارخ على هذه السياسات. فمنذ عام 2019، تلقى المغرب من إسبانيا، على أربع دفعات منفصلة، مبلغ 123 مليون يورو مقابل مراقبة الهجرة، إضافة إلى 346 مليون يورو قدمها الاتحاد الأوروبي للمغرب في الفترة نفسها، على أن يواصل الدفع لـ 500 مليون يورو إضافية حتى عام 2027. أما تونس فتلقت من إيطاليا 19 مليون يورو بين عامي 2020 و2021، مقابل مراقبة الحدود.
إجراءات تحديد الهوية للجثث.. منسيون حتى في الموت
غالبًا ما يستمر العنف بحق ضحايا الهجرة في البحر حتى بعد وفاتهم، إذ لا توجد إجراءات لتحديد هوية الجثث في ليبيا، وتونس، والجزائر والمغرب، رغم استنكار المنظمات الحقوقية المستمر ومناشدتها بتحديد هذه الإجراءات، والتي غالبًا ما تتلخص حاليًا في دفن الجثث التي يتم العثور عليها على الشواطئ، من جانب سلطات بلدان المغرب العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط، دون إجراء اختبار الحمض النووي أو أي إجراء موجز لتحديد هوية أصحابها.
ففي مطلع أكتوبر 2022، وباعتباره أحدث مثال على ذلك، تم العثور على جثث 18 شخصًا في جرجيس (بما في ذلك عائلات ونساء وأطفال)، تم دفنهن دون أي شكل من أشكال تحديد الهوية، وقد أثارت الواقعة احتجاجات قوية وغضبًا من العائلات والمجتمع المدني، ومطالبات بالحق في استعادة الجثث ودفنها بكرامة بعد تحديد هوية أصحابها.
الممارسات نفسها تتكرر بحق الجثث التي يتم العثور عليها على طريق المحيط الأطلسي وغرب المتوسط، إذ تم توثيق وقائع دفن دون أية إجراءات على الحدود البرية (مثل الحدود بين الناظور ومليلية) بعد مأساة 24 يونيو 2022، والتي انتهت بوفاة 37 مهاجرًا على الأقل أثناء عبور الحدود، بينما لا يزال 77 شخصًا في عداد المفقودين بحسب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. إلا أن العدد الإجمالي لضحايا هذه المأساة لا يزال غير معروف. وبحسب فرع الجمعية المغربية في الناظور؛ أرادت السلطات دفن الجثث دون إجراء التحقيقات اللازمة ودون تحديد هوية أصحابها، ولكن بعد تدخل الجمعية المغربية، اضطرت السلطات وقف عملية الدفن لحين اتخاذ بعض الإجراءات.
ووفقًا لتحقيق لوكالة البي بي سي البريطانية (BBC) تعمدت قوات الشرطة المغربية جر الجثث لمنطقة تحت السيطرة الإسبانية، بينما تنفي وزارة الداخلية الإسبانية بدورها اتهام المغرب لها بسحب الجثث من مليلية للحدود المغربية وإخفاء أدلة حاسمة من كاميرات المراقبة، في إطار التحقيقات الرسمية في الواقعة. وفي نهاية أكتوبر 2022 استنكر خبراء الأمم المتحدة عدم مساءلة إسبانيا والمغرب على هذه الواقعة، مطالبين بتحقيق شامل وتعويضات للضحايا وعائلاتهم، وضمانات بعدم تكرار هذه الممارسات.
أن التسامح مع هذه الأعداد من الوفيات في البحر، والاستهانة بأرواحهم وجثثهم على طول شواطئ البحر الأبيض المتوسط أضحى أمرًا من المستحيل استمراره، لذا توصي المنظمات الموقعة أدناه الاتحاد الأوروبي، ودوله الأعضاء، ودول الساحل الجنوبي بما يلي؛
- توفير مسارات آمنة وقانونية للوصول إلى هذه البلدان وإجراءات قانونية لمسألة اللجوء بها.
- زيادة برامج وآليات إعادة التوطين، كآلية وحيدة للحد من الوفيات والفقدان في البحر.
- دعوة المفوضية الأوروبية لإلغاء شرط تحقيق الأهداف السياسية الأوروبية في مجال الهجرة المتعلق بسياسة تقديم المساعدات التنموية للدول، إذ لا ينبغي ربط هذه الأموال بالتعاون المحتمل مع بلدان أخرى تتقاسم إدارة الحدود وسياسات رد/ إعادة المهاجرين.
- دعوة المفوضية الأوروبية إلى استحداث آليات مساءلة ترهن مساعدات الاتحاد الأوروبي بالتزامات الشركاء في مجال حقوق الإنسان، وتخصيص ميزانيات شفافة لملف الهجرة في الاتحاد الأوروبي والإعلان عن كافة المعلومات المتعلقة بالمؤسسات والمنظمات المعنية بالتنفيذ، وكذا الميزانيات المخصصة لها، ونتائج المشاريع المنفذة من قبلها.
- دعوة المفوضية الأوروبية إلى تشكيل آليات فعالة وشفافة لمراقبة الإجراءات السياسية والقانونية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ووضع نظام عقوبات يضمن محاسبة البلدان الأعضاء على انتهاك التشريعات الأوروبية والدولية. وتعزيز إجراءات المحاسبة لضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك انتهاك مبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يتعارض مع اتفاقية جنيف لعام 1951 بشأن وضع اللاجئ.
- على الاتحاد الأوروبي التخلي عن المفاوضات بشأن اتفاقيات رد/إعادة المهاجرين، في ضوء الانتهاكات الشائعة لحقوق المهاجرين واللاجئين في المغرب وتونس والجزائر وبلدان المنشأ، وغياب آليات مراقبة ما بعد العودة، على نحو لا يجعل بلدان المنشأ أو بلدان العبور بلدان آمنة للعودة.
- فتح حوار مع الفاعلين الجدد في ملف الهجرة، المسئولين عن إدارة كل جزء من عملية الهجرة، للتأكد من تماشي بروتوكولاتهم مع مبادئ حقوق الإنسان، بما في ذلك الجهات الفاعلة الخاصة وشركات مراقبة الحدود على سبيل المثال.
- دراسة الآثار المترتبة على سياسات العودة الطوعية، وتأثيرها على خيارات الهجرة، بما في ذلك دفع المهاجرون لطرق أكثر خطورة. واستحداث آلية فعالة وشفافة للرصد ما بعد العودة، بالتعاون مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
- وضع تدابير وإجراءات وبروتوكولات تحترم وتحمي حقوق الأشخاص المهاجرين حال عودتهم لبلدانهم.
كما توصي المنظمات الموقعة بما يلي شأن زيادة التنسيق والتعاون في البحث والإنقاذ في البحر:
- دعوة الدول لتشكيل آلية بحث وإنقاذ بحرية فعالة وشفافة لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح في البحر.
- دعوة الدول إلى إعادة توجيه الأموال التي تنفق حاليًا على مراقبة الحدود إلى جهود البحث والإنقاذ.
كما توصي المنظمات فيما يتعلق بسياسات التنسيق والتعاون بشأن آليات تحديد هوية الجثث، بما يلي:
- دعوة الدول إلى تشكيل آلية تنسيق للبحث عن جثث المهاجرين واللاجئين المفقودين في البحر والبر؛
- دعوة الدول إلى زيادة الموارد والإمكانيات لضمان اتخاذ إجراءات فعالة لتحديد هوية الجثث، وتعقب المهاجرين واللاجئين المفقودين.
- تذكير الدول بأن مسئولية تحديد هوية الضحايا تقع على عاتقها.
- دعم مشاريع تراعي إجراءات تحديد هوية الجثث بمجرد العثور عليها، وإجراءات البحث عن المفقودين.
- العمل مع السلطات والجهات الفاعلة ذات الصلة لزيادة التنسيق مع المجتمع المدني وتمكينه من متابعة إجراءات وبروتوكولات تحديد الهوية.
- دعوة الدول المعنية (الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، المغرب العربي، دول المنشأ أو الخارج) إلى الاعتراف بمسئولياتها إزاء المهاجرين بموجب القانون والواقع، لا سيما في مجال تسهيل التعرف على هوية أصحاب الجثث وإعادة رفاتهم لأوطانهم، على نحو يسهل على اللجنة الدولية للصليب الأحمر تنظيم التعاون عبر الوطني بين سفارات البلدان الأصلية والبلدان التي تم تسجيل الوفاة أو الاختفاء فيها.
- استحداث آليات فعالة ودائمة ذات نهج حقوقي لدعم أسر المختفين والناجين، والتواصل مع المعنيين لتوفير المساعدة النفسية المتناسبة مع احتياجاتهم الخاصة.
- الدعوة إلى تشكيل آليات لحماية الأسر والجهات الفاعلة في المجتمع المدني المنخرطة في جهود تحديد الهوية لتجنب تجريمها.
- دعوة الدول إلى وضع أطر قانونية واضحة وفعالة توضح المراحل المختلفة لإجراءات تحديد الهوية وخطوات تنفيذها وآليات الرقابة عليها، لضمان تحقيق أهداف الأطر القانونية.
المنظمات الموقعة:
- لأورومتوسطية للحقوق
- Association Marocaine des Droits Humains (AMDH)
- L’Organisation Marocaine DES Droits Humains (OMDH)
- Association Aides Aux Migrants En Situation Vulnerable (ASMV)
- Réseau Marocain des Journalistes des Migrations (RMJM)
- Association Collectif des Communautés Subsahariennes au Maroc (CCSM)
- ASSOCIAZIONE RICREATIVA CULTURALE ITALIANA (ARCI)
- Milano senza Frontiere
- Borderline Sicilia
- Mem.Med -Mémoire Méditerranée
- Association enfant de la lune (Tunisie)
- Association pour le Leadership & le Développement en Afrique (ALDA)
- Association des Etudiants et Stagiaires Africains en Tunisie (AESAT)
- Ligue Tunisienne des Droits de l’Homme (LTDH)
- Avocat Sans frontière (ASF)
- Afrique Intelligence
- Ligue Algérienne des Droits de l’Homme (LADDH)
- Centre National de Coopération au Développement (CNCD-11.11.11)
- Anti-Racism Movement (Lebanon)
- Greek Refugee Council (GCR)
- Ligue des Droits Humain (LDH) France
- Citizens Assembly of Turkey
- Cairo Institute for Human Rights Studies (CIHRS)
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسانInstitut du Caire pour les Études des Droits de l’Homm – (ICEDH)
- منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري Aman against Discrimination (AAD –
- –المنظمة الليبية للمساعدة القانونيةLIBYAN NETWORK FOR LEGAL AID –
- منظمة عدالة للجميع لحقوق الإنسان ADALA FOR ALL (AFA) –
- مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان Belaady Organization for Human Rights –
- منظمة حقوقيون بلا قيود Justice without chains –
- منظمة رصد الجرائم الليبية Libyan Crimes Watch (LCW) –
- المنظمة الليبية المستقلة لحقوق الإنسان Independent organization for human rights (IOFHR) –
- شبكة أصوات للإعلام Aswat media network –
- المركز الليبي لحرية الصحافة The Libyan center for freedom of the press –
- مركز ليبيا المستقبل للإعلام والثقافة – Libya Al Mostakbal
نوفمبر 15, 2022
بنغازي / 15 نوفمبـر
عٌقد بمدينة بنغازي ورشة عمل حول المبادئ التوجيهية للتغطية الإعلامية للإنتخابات الوطنية في ليبيا وذلك يومي 12 و13 نوفمبر الجاري بمٌشاركة 12 من صحفيين العاملين بمؤسسات إعلامية محلية عدة .
وتركز التدريب حول الأدوار الأساسية التي يلعبها الإعلام في سياق الانتخابات وكيفية التحضير للمٌقابلات الصحفية والتغطية المتوازنة لكافة الفاعلين في السباق الانتخابي ، وأهمية تعريف الصحفيين باللوائح التنفيذية والقوانين الانتخابية المٌتعلقة بالإنتخابات الرئاسية والتشريعية .
وشارك المٌتدربون في العديد من التطبيقات العملية والمٌحاكاة في تنفيذ برامج إخبارية تتعلق بتغطية الانتخابات ، وكيفية التنسيق المٌستمر بين المفوضية الوطنية العٌليا للانتخابات من خلال مركزها الإعلامي ومٌراسلين والصحفيين الميدانيين .
وشدد المٌشاركون على أهمية إرساء هيئة إعلامية مٌستقلة تتبع وترصد المخالفات المهنية لوسائل الإعلام خصوصاً أثناء التغطية الإعلامية للإنتخابات والتنسيق المٌستمر بينها وبين المفوضية الوطنية العٌليا للانتخابات ، وتكثيف المحتوى التعليمي والتوعوي حول الضوابط والشروط القانونية والتنفيذية المٌتعلقة بالإعلام والإعلان الإنتخابي والفروقات فيما بينهم .
يٌشار إن التدريب جاء ضمن مشروع التغطية الإعلامية للإنتخابات الوطنية القادمة ، والتي يٌنفذه المركز الليبي لحرية الصحافة وبدعم من الإتحاد الأوروبي .
نوفمبر 10, 2022
تطالب المنظمات الموقعة أدناه مجلس النواب الليبي بإلغاء القانون رقم (5) لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية الصادر في 27 سبتمبر 2022. كما تدعو السلطات الليبية إلى عدم تطبيقه بسبب مساسه بصفة مباشرة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية وعلى رأسها الحق في حرية التعبير والرأي والحق في حرية التجمع السلمي بالإضافة إلى الحق في الخصوصية وحماية المعطيات الشخصية. كما يقنن هذا النص الرقابة الشاملة للسلطة التنفيذية على الفضاء الرقمي دون إذن قضائي مع إمكانية حجب المواقع والمحتوى.
بعد قرابة السنة من المصادقة عليه بتاريخ 26 أكتوبر 2021، قرر مجلس النواب الليبي إصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يوم 27 سبتمبر 2022 دون سابق إنذار وفي تجاهل تام للمطالب السابقة لمنظمات المجتمع المدني وأربعة من المقررين الخواص للأمم المتحدة بسحب القانون وعدم تطبيقه نظرا لتعارضه مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والتزامات ليبيا الدولية، إضافة لغياب مبدأ الحوار والتشارك مع مختلف الفاعلين وأصحاب المصلحة عند صياغته.
في هذا الإطار، يهم المنظمات الموقعة على هذا البيان التذكير بأبرز المخاطر التي يشكلها هذا القانون والذي لم يكن متاحا إلا في شكل تسريبات على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يقوم مجلس النواب بنشره بصفة رسمية على صفحته على منصة فيسبوك بعد بضعة أيام من صدوره بصفة فعلية.
مصطلحات عامة وفضفاضة مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان
تنص المادة الرابعة من القانون على أن يكون “استخدام شبكة المعلومات الدولية ووسائل التقنية الحديثة مشروعة ما لم يترتب عليه مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة”، معتبرة بصفة آلية أن كل استعمال قد يخالف مصطلحات فضفاضة مثل “النظام العام” أو”الآداب العامة” غير مشروع وبالتالي غير قانوني. كما تنص المادة السابعة أنه بإمكان الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات “حجب كل ما ينشر النعرات أو الأفكار التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره أو المساس بسلمه الاجتماعي” دون تحديد واضح لمعنى “أمن المجتمع” و”سلمه الاجتماعي”، وتفرض المادة الثامنة على نفس الهيئة حجب المواقع أو الصفحات الإلكترونية التي تعرض مواد “مخلة بالآداب العامة”. كما نصت المادة 37 على عقوبات سجنية ومالية قاسية لـ“كل من بث إشاعة أو نشر بيانات أو معلومات تهدد الأمن والسلامة العامة في الدولة أو أي دولة أخرى”.
إن استعمال العبارات والمصطلحات الفضفاضة على غرار ما سبق يُخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان المعتمدة في صياغة التشريعات المتعلقة بتقييد حق الرأي والتعبير، إذ يجب على هذه النصوص أن “تُصاغ بدقة كافية حتى يتسنى للفرد ضبط سلوكه وفقا لها” مثلما نص عليه التعليق العام رقم 34 لمجلس حقوق الإنسان حول المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه ليبيا منذ 15 ماي 1970. ومن شأن عدم دقة أحكام هذا القانون أن تؤدي إلى منح سلطة تقديرية واسعة سواء للقضاء أو للسلطة التنفيذية، ممثلة في الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات (NISSA)، للحد من استعمالات الفضاء الرقمي وما لذلك من تبعات على الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، دون ضوابط قانونية واضحة ومشروعة ومحددة سلفًا.
رقابة شاملة وحجب مواقع ومحتوى دون أذون قضائية
تعتبر المادة السابعة من هذا القانون في غاية الخطورة، حيث تتيح للهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات فرض رقابة شاملة على كل المعطيات المنشورة والمعروضة على شبكة الإنترنت أو “أي نظام تقني آخر”، كما يمنح للهيئة سلطة حجب “كل ما ينشر النعرات أو الأفكار التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره أو المساس بسلمه الاجتماعي”. إن منح كل هذه السلطة التقديرية الواسعة لجهاز تنفيذي تحت عبارات عامة وفضفاضة هو في تعارض تام مع التزامات ليبيا الدولية وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو ما نبهنا إليه سابقا وأشار إليه المقررين الخواص في رسالتهم المشتركة إلى السلطات الليبية بتاريخ 31 مارس 2022. وأوضحت الرسالة أن حجب المحتوى الإلكتروني يكون في إطار محدد إثر قرار من سلطة قضائية مستقلة ومحايدة وفي توافق مع مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب. كما اعتبر المقررين أن على الدول الامتناع عن المراقبة القبلية للمحتوى مثلما هو الحال في هذه المادة.
كما يضيف غموض عبارة “أي نظام تقني آخر” معضلة أخرى في مدى إمكانية توسع الهيئة في مراقبة نظم تكنولوجية ووسائل تواصل أخرى قد لا تكون مشمولة بكافة مواد هذا القانون، مما يخلق حالة من عدم الوضوح القانوني قد توظفه السلطة التنفيذية في غير محله خاصة مع غياب دور واضح لسلطة مُوازنة وضامنة لعدم انحراف السلطة التنفيذية في تطبيق وتفسير القانون ممثلة في السلطة القضائية.
بناء على ما سبق، تعتبر هذه المادة مخالفة للحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، لأنها تقوض الحق في مشاركة وتقبل المعلومة في الفضاء الرقمي التي قد يتم حجبها حسب تقدير الهيئة وفي غياب لرقابة قضائية، خاصة في ظروف سياسية معينة مثل الاحتجاجات أو الفترات الانتخابية، حيث تمثل الإنترنت وسيلة رئيسية للجماهير للبحث عن المعلومة وإمكانية التنظم للتعبير عن رأيهم وتوجهاتهم بعيداً عن رقابة السلطة التنفيذية القائمة، وهو نفس الاستنتاج الذي ذهب إليه المقررين الخواص.
تهديدات خطيرة لحرية الصحافة والنشر والتعبير
مثلما كان عليه الحال في النسخة المسربة سابقا على وسائل التواصل الاجتماعي، أبقى البرلمان على المادتين 13 و47 المتعلقتين تباعا ب”الاعتراض أو التعرض” و”التنصت غير المشروع” في النسخة النهائية الصادرة مؤخرا. تمثل هاتين المادتين تهديدا واضحا لحق الصحفيين في النفاذ إلى المعلومات والتواصل مع المبلغين والمصادر ونشر المعطيات المتحصل عليها في إطار دورهم الإعلامي، وبالتالي حرمان عموم المواطنين والمواطنات من حقهم في المعلومة عبر صحافة حرة غير خاضعة لتقديرات السلطة التنفيذية في تأويل عبارات عامة وفضفاضة مثل “النظام العام” أو “المصلحة العامة”. كما يشمل الغموض تعريف عبارة “الاعتراض” الواردة في المادة الأولى على أنها “مشاهدة البيانات أو المعلومات أو الحصول عليها”، مما يوسع في السلطة التقديرية سواء للسلط التنفيذية أو القضائية في تأويل كل ما يمكن الحصول عليه عبر “الأنظمة الإلكترونية”.
وتتعارض هذه الإجراءات مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الثانية التي تنص أنّ “لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”، وهذا ما أكدناه سابقا وما أكدته مراسلة المقررين الخواص للأمم المتحدة الموجهة للسلطات الليبية.
قد تزيد هذه الإجراءات من هشاشة وضع الصحافة في ليبيا، حيث أن الصحفيين والصحفيات يتعرضون بصفة مستمرة للتضييقات والتهديدات والعنف الجسدي مما جعل ليبيا في ترتيب متأخر في مؤشر حرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود، إذ تحتل الرتبة 143 من جملة 180 بلدا، وبالتالي تكون مطية قانونية لشرعنة هذه الانتهاكات في ظل مناخ يتسم بعدم الاستقرار السياسي وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب.
اعتداء مقنن على الخصوصية وتهديد للأمن الرقمي للمواطنين والمواطنات
جرمت المادتين 9 و 39 من القانون حيازة وسائل التشفير واستعمالها، حيث نصت المادة 39 أنّه “يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن 20000 عشرين ألف دينار ولا تزيد على 100000 مائة ألف دينار كل من أنتج أو حاز أو وفر أو زرع أو سوق أو صنع أو صدر أو استورد وسائل تشفير دون ترخيص أو تصريح من قبل الجهة المختصة في الدولة”، وحسب المادة 9 فإن هذه الجهة المختصة هي الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات، أي نفس المؤسسة التابعة للسلطة التنفيذية التي مكنها القانون من سلطة رقابة مطلقة على كل ما ينشر ويعرض في الفضاء الرقمي.
تعتبر وسائل التشفير الرقمي من أهم المكتسبات التي تمكن المواطنين والمواطنات من ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير مع احترام حقهم في الخصوصية، وبالتالي لا يجوز لأي سلطة أن تحد من امكانية حيازتها أو استعمالها إلا في حالات محددة تضبطها شروط الشرعية والضرورة والتناسب، وهو ما يتعارض مع محتوى المادتين 9 و 39 من هذا القانون. وفي هذا الصدد، أكد المقرر الأممي الخاص لحرية الرأي والتعبير رفقة عدد من الخبراء في الإعلان المشترك حول تحديات حرية التعبير في العقد القادم الصادر سنة 2020 أنه يجب على الدول أن “تمتنع عن إستعمال قيود اعتباطية أو غير قانونية على استخدام تقنيات التشفير وإخفاء الهوية”، وهو عكس ما جاء به هذا القانون الذي قيد استعمال هذه الوسائل ب”ترخيص أو تصريح” من قبل هيئة تابعة للسلطة التنفيذية وحدد عقوبات زجرية لكل من يخالف هذا الإجراء.
إذا أخذنا بعين الاعتبار هذا الحصار المفروض على وسائل التشفير مع ما منحه القانون من سلطة رقابة شاملة وإمكانية حجب المحتوى والمواقع، بالإضافة إلى المواد التي تهدد حرية العمل الصحفي وحق المواطنين والمواطنات في التعبير عن رأيهم والحصول على المعلومات، يصبح من الجلي أن هذا التشريع يشكل خطراً داهما على حقوق الإنسان والحريات العامة في ليبيا وعلى رأسها الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والحق في الخصوصية.
تنقيحات غير ذات معنى في ظل قانون يهدم أبجديات الحقوق والحريات الرقمية
احتوت النسخة المصادق عليها من قبل مجلس النواب بتاريخ 27 سبتمبر 2022 سبع تغييرات مقارنة بالنسخة التي توفرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أكتوبر من سنة 2021. تمثلت هذه التغييرات في تعديل تعريف القرصنة الإلكترونية في المادة 3 ليصبح “الاستخدام أو النسخ غير المشروع لنظم التشغيل أو البرامج الحاسوبية المختلفة في نظام الحماية الخاصة” عِوَض “الاستخدام أو النسخ غير المشروع لنظم التشغيل أو البرامج الحاسوبية المختلفة والاستفادة منها شخصيا أو تجاريا”، كما تمت إضافة تعريف جديد يخص الهيئة حيث عرفها المشرع على أنها “الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات المنشأة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 28 لسنة 2013م”. تم أيضا تغيير عنوان المادة 6 إلى “الأعمال الأدبية أو الفنية أو العلمية” بدلا من “الأعمال الأدبية أو الفنية أو العلمية الرقمية”.
بالإضافة إلى هذه التنقيحات، وردت أخرى تخص بعض الإجراءات والعقوبات، حيث تم تعديل المادة 7 في فقرتها الثانية بحذف “وفي غير أحوال الضرورة الأمنية والاستعجال” ليصبح نص المادة في فقرة واحدة كالآتي “يجوز للهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات مراقبة ما ينشر ويعرض عبر شبكة المعلومات الدولية أو أي نظام تقني آخر، وحجب كل ما ينشر النعرات أو الأفكار التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره أو المساس بسلمه الاجتماعي، ولا يجوز مراقبة الرسائل الإلكترونية أو المحادثات إلا بأمر قضائي يصدر عن القاضي الجزئي المختص.” كما تم تعديل مدة العقوبات في المادة 13 حول الاعتراض والتعرض بزيادة مدة الحبس من ستة أشهر إلى سنة، وفي المادة 45 حول مساعدة الجماعات الإرهابية حيث تم حذف عبارة “المؤبد” لتكون “يعاقب بالسجن” عوض “يعاقب بالسجن المؤبد”.
تبقى هذه التنقيحات غير ذات معنى في ظل قانون يكرس الرقابة الشاملة ويمنح الأجهزة التنفيذية سلطة حجب المواقع والمحتوى ويفرض قيودا على استعمال وسائل التشفير، في ظل مصطلحات فضفاضة مثل “الآداب العامة” أو “النظام العام” وفي تعارض تام مع مبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وخلافا لتعهدات ليبيا الدولية وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والإعلان الدستوري المؤقت الصادر في 3 أغسطس 2011 وتعديلاته حيث ينص في مادته السابعة على أن “تصون الدولة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتسعى إلى الانضمام للإعلانات والمواثيق الدولية والإقليمية التي تحمي هذه الحقوق والحريات، وتعمل على إصدار مواثيق جديدة تكرم الإنسان كخليفة الله في الأرض.”
تبعا لما سبق، فإن مكونات المجتمع المدني والمنظمات الموقعة أدناه:
- تطالب مجلس النواب الليبي بالإلغاء الفوري للقانون رقم (5) لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية.
- تدعو السلطات الليبية إلى عدم تطبيق هذا القانون والعمل على صياغة قانون جديد يتماشى مع الإعلان الدستوري الليبي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان والتزامات ليبيا الدولية.
- تطالب مجلس النواب وباقي السلطات الليبية إلى اعتماد مبدأ الحوار والتشارك مع المجتمع المدني الليبي والمنظمات الدولية المختصة عند صياغة أي مشروع قانون يخص الحقوق والحريات الأساسية.
المنظمات والجمعيات الموقعة:
أكساس ناو
هكسا كونكشن
مبادرة أنير
رصد الجرائم الليبية
محامون من أجل العدالة في ليبيا
المركز الليبي لحرية الصحافة
شبكة اصوات للإعلام
شبكة انسم للحقوق الرقمية – العراق
منظمة سمكس للحقوق الرقمية
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان
منّا لحقوق الإنسان
المنظمة الليبية للمساعدة القانونية
مركز مدافع لحقوق الإنسان
عدالة للجميع
مركز ليبيا المستقبل للإعلام والثقافة
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
مراسلون بلا حدود
مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان
منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري
منظمة شباب من أجل تاورغاء
المادة 19
نوفمبر 10, 2022
في ردٍّ على اللقاء الذي جمع كريم خان، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية (أو المحكمة)، بخليفة حفتر، قائد القوات المسلّحة العربية الليبية، المعلنة ذاتياً، في مكتب الأخير في بنغازي، يُطالب المجتمع المدني الليبي باعتذارٍ من المدعي العام وبالمساءلة عن أعماله.
خليفة حفتر المسؤول وفق ما تفيد الادعاءات بحقه عن ارتكاب عددٍ كبير من الجرائم الدولية الخطيرة وانتهاكات حقوق الإنسان. وقد وُجهت إليه تهم بارتكاب جرائم حرب من قبل محكمة أميركية، كما أنّه موضع تحقيقٍ جنائي في فرنسا على خلفية ادعاءات ضدّه بالتعذيب، وقد سبق له أن رفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية من خلال الامتناع عن تسليم متهمٍ مطلوب. وكان كريم خان، وفي تقريره إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل 2022 قد أعلن أنّ مكتبه جمع سلسلةً من الأدلة على قيام القوات المسلّحة العربية الليبية بارتكاب جرائم دولية خطيرة، بما في ذلك “ضربات جوية عشوائية وقصف للمناطق المأهولة بالمدنيين، وأعمال خطف واحتجاز تعسّفية؛ وتعذيب المدنيين؛ وأعمال قتل خارج نطاق القضاء؛ وعمليات اختفاء قسري؛ ونهب للممتلكات المدنية”. ومنذ فترةٍ وجيزةٍ لا تتعدّى الأسبوع الماضي، أعلن حفتر عن هجوم عسكري آخر يخطّط لشنّه على طرابلس.
ولا شكّ أنّ لقاء المدعي العام بحفتر مسيء للغاية ليس فقط بحق ضحايا جرائم حفتر المزعومة، ولكن بحق جميع الضحايا والمجتمعات المحلية المتضررة من الجرائم التي أُنشئت المحكمة للتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها. وما يزيد الأمر سوءاً أنّ اللقاء قد تمّ بعد مدة وجيزة على لقاء المدعي العام بمجموعات الناجين وأسر الضحايا في مدينة ترهونة، التي كانت تقع تحت سيطرة حفتر ومكان عددٍ من المقابر الجماعية التي تُحقق فيها المحكمة وبعثة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في ليبيا.
وجاء افتقار المدعي العام للحساسية حيال الوضع على الأرض بمثابة إهانة صادمةٍ بالنسبة إلى المدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة من المجتمع المدني الذين يعملون بلا كلل، على حساب سلامتهم وأمنهم، لدعم عمل المحكمة.
وفي هذا السياق، علّق علي العسبلي، رئيس منظمة رصد الجرائم الليبية ومحتجز سابق في سجن قرنادة: “هذا اللقاء هزّ ثقتنا جميعاً في عدالة المحكمة وأكد أنّها مسيّسة! كيف يلتقي القاضي مع الجلاّد في مكتبه؟ كنا ننتظر مذكرات قبض على المسؤولين عن جرائم الحرب في ليبيا وليس مصافحتهم وتبادل الابتسامات معهم.”
إنّ استعداد كريم خان لعقد لقاء علني مع رئيس جماعة مسلّحة تصارع من أجل كسب الشرعية السياسية والدولية يقوّض بشكل خطير مصداقية المحكمة، ويشكّك في حيادها وشرعيتها في النظر في الحالة في ليبيا. ونتيجةً لذلك، تزعزعت ثقة الضحايا وجميع الليبيين بالمحكمة إلى حدّ كبير، وكذلك استعدادهم للتعاون معها. وهو ما من شأنه أن يعيق قدرة المحكمة في نهاية المطاف على التحقيق في الجرائم المرتكبة في ليبيا.
وقال مدافع آخر عن حقوق الإنسان يعمل عن كثب مع الضحايا في ترهونة: ” من المؤسف أن نرى حُراس العدالة الدولية والمؤتَمَنِين عليها يصافحون بأيديهم كبار مسؤولي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بدلاً عن مساءلتهم ومحاسبتهم، في مشهدٍ مخيّب لآمال الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان.”
وعليه، تطالب المنظمات الموقعة أدناه باعتذارٍ من المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام إلى الضحايا والمجتمع المدني في ليبيا. كما نطالب المحكمة بالتحقيق في أفعال كريم خان وضمان خضوعه للمساءلة من خلال الإجراءات التأديبية اللازمة.
محامون من أجل العدالة في ليبيا
منظمة رصد الجرائم الليبية
حركة النساء الأمازيغيات
المركز الليبي لحرية الصحافة
مصدر الصورة : صفحة القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية-الرسمية على الفيس بوك
أكتوبر 11, 2022
تدعو المنظمات والجمعيات الموقعة أدناه حكومة الوحدة الوطنية إلى إلغاء قرارها الخطير بشأن الإعلام المرئي والمسموع، وذلك بسبب مخاطره الجسيمة على تنوع وتعددية المشهد الإعلامي في ليبيا، فضلا عن تهديده لنزاهة أي عملية انتخابية قادمة.
في 15 سبتمبر 2022، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية القرار رقم 811 لسنة 2022 والمتعلق بالشروط والضوابط الخاصة بمزاولة النشاط الإعلامي. تضمن القرار المذكور شروطا غريبة تنتهك حرية الإعلام، مثل اشتراط موافقة السلطات الأمنية أو موافقة جهاز المخابرات الليبي مما يسمح للسلطات الأمنية والعسكرية بالتدخل في تنظيم وسائل الإعلام السمعية البصرية.
يزيد في خطورة الأمر، عدم استقلالية اللجنة المسئولة عن إصدار أذونات مزاولة النشاط الإعلامي إذ تخضع إشرافيا لإدارة الإعلام والتواصل الحكومي بديوان مجلس الوزراء علاوة على الحضور القوي للأجهزة الأمنية داخلها حيث يرأسها ضابط أمن سابق وعضوية ممثلان عن وزارة الداخلية والمخابرات الليبية.
يتم منح الإذن بمزاولة النشاط الإعلامي من قبل طرف لجنة تنظيم عمل القنوات الخاصة المرئية والمسموعة، التي تم إنشاؤها في مارس 2022 بقرار حكومي رقم 151 لسنة 2022. ويمنح الترخيص بعد استيفاء المؤسسة الإعلامية لمجموعة من الشروط التي تحدد الوضعية القانونية للمؤسسة التي تنتج محتوى سمعيا بصريا، والتراخيص التي يجب الحصول عليها من وزارة الداخلية أو جهاز المخابرات أو إدارة الضرائب، ودفع الرسوم المطلوبة.
كما اشترط القرار الحكومي رقم 811 على المؤسسات المرئية والمسموعة دفع رسوم عالية تتراوح بين 20,000 و30,000 دولار للقنوات المرئية، وما بين 7,000 و10,000 دولار للقنوات الإذاعية. وتشكل هذه الرسوم شروطا غير عادلة ومجحفة، خاصة وأن القنوات ملزمة بدفع مبلغ بين 4000 و20000 دولار سنويا لتجديد الترخيص. وتهدد هذه الشروط ديمومة المؤسسات الإعلامية، التي قد تجد نفسها عاجزة عن مواصلة أنشطتها إذا لم تستوف موافقة الأجهزة الأمنية أو جهاز المخابرات أو عجزها عن دفع الرسوم المرتفعة.
تشدد المنظمات والجمعيات الموقعة أدناه على إنه ولئن كان من المشروع تنظيم قطاع الاتصال السمعي البصري بهدف ضمان تعددية المشهد الإعلامي وتنوعه وشفافية ملكية وسائل الإعلام، إلا أنه لا ينبغي أن ينتهي الأمر بسيطرة الحكومة على قطاع الإعلام خاصة وأن نجاح أي استحقاق انتخابي يتطلب حماية المؤسسات الإعلامية من التجاذبات السياسية ومن أي تهديدات بالإغلاق.
تدعو المنظمات والجمعيات الموقعة على البيان حكومة الوحدة الوطنية إلى سحب هذا القرار الخطير وإجراء مشاورات مفتوحة وشفافة مع المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني والخبراء لصياغة قرار يحترم حرية الإعلام، واستقلاليته، وتعدديته، وديمومته.
المٌنظمات الموقعة:
منظمة المادة 19
جمعية عدالة للجميع
مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان
مؤسسة حقوقيون بلا حدود
منظمة رصد الجرائم الليبية
منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري
المركز الليبي لحرية الصحافة
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
المنظمة الليبية للمٌساعدة القانونية