كلمة المدير التنفيذي للمركز الليبي لحرية الصحافة في الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي اقامته حكومة الوحدة الوطنية
طرابلس – ليبيا
السيد رئيس حكومة الوحدة الوطنية
السادة الوزراء وممثلي قطاع الصحافة والإعلام
السيدات والسادة الصحفيات والصحفيون
إن اليـوم فرصة عظيمة للتذكير بتضحيات العشرات من الصحفيين والمدونين والناشطين الليبيين الذين فقدوا حياتهم وسط دوامة العنف وانهيار سيادة القانون على مـر السنوات العشر الماضية ، او الذين كانوا ضحايا الاختطاف والتعذيب او الإخفاء القسري أو المحاكمات الجائرة .
وإنه لمن دواري سروري أن أكون بينكم الليبية لنسلط الضوء على تضحيات جسيمة قدمها صحفيات وصحفيون في ميادين العمل لأجل حق الجمهور الليبي في المعلومة والمعرفة ، وهي فرصة مٌهمة للتذكير بالمسؤوليات الملقاة على عاتق الحكومة الجديدة ، ونثمن دورها في هذا الإطار .
إن ملف مكافحة الإفلات من العقاب يٌعد أولوية رئيسية لضمان سيادة القانون وتحقيق العدالة ، ويتطلب الأمر لضرورة الإصلاحات الجادة في المجال الأمني والجنائي بما يضمن فعالية الأجهزة الأمنية .
وهنا نود الإشادة بفكرة إطلاق الخط الساخن بوزارة الداخلية والذي يتيح لكافة الصحفيين الذين يواجهون صعوبات يومية أثناء تغطيتهم الميدانية ، من طلب المٌساعدة والعون ، فحماية الصحفيين وردع المنتهكين لابد ان تكون من ضمن أولويات الحكومة لضمان مكافحة الإفلات من العقاب ، ولابد من التذكير بضرورة إطلاق سراح أي صحفي يقبع في سجون عسكرية كحالة الصحفي إسماعيل بوزريبة الذي حكم عليه 15 سنة في محاكمة أقل ما يقال عنها إنها جائرة وفي سابقة خطيرة ان يحاكم صحفي أمام القضاء العسكري .
لقد عاشت ليبيا طفرة إعلامية غير مسبوقة في السنوات الماضية ،و بالنظر للفراغ الإطار التشريعي المٌنظم وتصارع الأطراف السياسية والاجتماعية ، أدي لتخبط في مؤسسات الإعلام العامة وتقلص كبير لدورها مع تنامي الفساد الإداري والمالي فيها وتكدس بشري في كوادرها البشرية التي تفتقد للتدريب والتأهيل المناسب .
فيما زاد توغل رأس المال السياسي والأجنبي في امتلاك وتوجيه وسائل الإعلام الخاصة التي لعب جزء منها دور في ضرب النسيج الاجتماعي والدعوة للكراهية ما عمق من الشرخ الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد وأضاعت علينا الحكومات المتعاقبة والسلطات التشريعية فرصة مهمة في إصلاح ما أفسده أربعة عقود من الإعلام الموجه وانعدمت الرؤية للإصلاح والتغيير .
السيدات والسادة
أود الإشادة بحزمة الإجراءات والإصلاحات التي أعلن عنها السيد رئيس الوزراء الليلة ، وهي مٌبادرة هامة ولعلها الاولي من نوعها للانفتاح الحكومة على مطالب الصحفيين والمجتمع المدني ، وهي مٌبادرة ندعوا كل المهنيين ان تحظي بقبولهم ودعمهم لأجل المضي قدوماً نحو خلق أرضية مشتركة للعمل بين كافة الفاعلين لتنفيذ التوصيات الواردة على لسان رئيس الوزراء ، ولعل أهمها إعادة النظر في قرار إنشاء المؤسسة الليبية للإعلام وهيكليتها والعمل على تعيين أعضاء مجلس إدارة موحد يتسمون بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية لقيادة المؤسسة كأعلي سلطة تنفيذية تنظيمية للقطاع الصحافة والإعلام ،بدلاً من انفراد شخص واحد في إدارتها وذلك بالتشاور مع المجتمع المدني والمهنيين الفاعلين في غضون 30 يومياً.
إلا إن حزمة هذه الإصلاحات ، لابد من ان يلحقها تحرك لإقرار قوانين جديدة منظمة للقطاع وعلى رأسها قانون إنشاء المجلس الأعلى للإعلام وقانون الصحافة والنشر وقانون النفاذ للمعلومات ، وفقاً للمعايير الدولية وعلى ما نص عليه مشروع الدستور الليبي ، فضلاً عن إلغاء العديد من المواد القانونية المكبلة بقانون العقوبات الليبي إلا إن هذا يتطلب سلطة تشريعية فاعلة ووجود دستور دائم للبلاد وهو ما نفتقده اليـوم
كما إن وجود مؤسسة تنفيذية مهنية غير خاضعة للهواء الشخصية أو التجاذبات السياسية أمر غاية في الأهمية للعمل على إعادة توحيد وسائل الإعلام بين الشرق والغرب وجرد الأصول والممتلكات وتقيم أداء الموارد البشرية وإعداد كراسة شروط المواصفات لمنح التراخيص للإعلام الإذاعي أو التلفزيوني ، فضلاً عن ضرورة إنشاء المرصد الوطني لمراقبة خطاب الكراهية والعنف والمخالفات المهنية التي تصدرها وسائل الإعلام الخاصة أو العامة تمهيداً لضمان انتخابات وطنية نزيهة قائمة على تكافئ الفرص ، وعدم التأثير على إدارة الناخبين من خلال البروبغاند والتضليل الإعلامي .
الإشارة إلي نموذج البث الإذاعي والتلفزيوني الحالي او هيئة إصدار الصحف قد عفا عليه الزمن ولا يزال يمثل نموذج السلطوي التقليدي الموجهة للشارع ولا يعكس تطلعاته حيث إن خطاب المحتوي الصحفي في وسائل الإعلام او الصحف العامة يفتقر للجودة المطلوبة ، ولا يتوافق إطلاقاً مع معايير الخدمة العامة للبث المتمثلة في الأخبار وفتح مساحات للحوار المشترك والالتزام بالجودة المهنية والتنوع والتغطية الشاملة وتوظيف تكنلوجيا الإعلام بشكل جيد ، ولعل وإن مثل هذه اللقاءات تٌعد هامة لكسر حالة العزلة بين الأطراف المتداخلة بالقطاع وخلق مجال للحوار والعصف الذهني من خلال النقاشات والمداولات المخطط القيام بها من طرف الحكومة لتطوير الإعلام بما يخدم حرية الصحافة .
أخيراً إنه طالما توفرت الإدارة السياسية من رئاسة الحكومة والرغبة للتغيير وتطوير القطاع ، أدعو كل الصحفيين الاستفادة منها وان يتعاون الجميع على تقديم المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والصراعات الحالية لتحقيق نتائج جيدة تضمن عودة الاستقرار للقطاع وتقنينه ووقف حالة الانفلات الإعلامي ضمن مسارين رئيسيين الأول يتعلق الأول بإعادة التنظيم والإصلاح للمؤسسات الإعلامية العمومية والأخر يتعلق بوضع ضوابط وشروط العمل لوسائل الإعلام الخاصة ، ومن ثم ننتقل لمرحلة أخري وهي إعداد وصياغة القوانين المنظمة للقطاع ما بعد دخول الدستور الليبي حيز التنفيذ .
محمد الناجم \ المدير التنفيذي