القطاع الإعلامي في ليبيا ما يزال تحت تأثير قوانين قديمة تقيد حرية التعبير والصحافة.
ليبيا: منظمات حقوقية تدعو الى حماية حرية الصحافة ودعم إصلاحات قطاع الإعلام
بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، منظمات حقوق الإنسان والمدافعة على حرية التعبير والإعلام الموقعة أدناه، نعرب عن بالغ قلقنا إزاء التدهور المستمر في أوضاع حرية الإعلام في ليبيا. لا يزال القطاع الإعلامي في البلاد خاضعًا لإطار قانوني ومؤسساتي قديم ومجزأ، مما يقوض حرية التعبير والصحافة. كما ساهمت التعديلات المتكررة على الهيكل التنظيمي للقطاع الإعلامي، من خلال قرارات حكومية صادرة في كل من طرابلس وبنغازي، غالبًا دون أية مشاورات حقيقية مع الصحفيين أو منظمات المجتمع المدني، في خلق بيئة إعلامية غير مستقرة وقمعية. ندعو السلطات الليبية إلى التعاون والتشاور والانخراط في حوار جاد مع المجتمع المدني والعاملين في مجال الإعلام من أجل تطوير واعتماد إصلاحات شاملة لقطاع الإعلام، تُراعى فيها التزامات ليبيا الدولية في مجال حقوق الإنسان.
الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم لحرية التعبير والإعلام مجزأ و مشتت
بعد أكثر من عقد على الانتفاضة في ليبيا ضد حكم معمر القذافي الذي استمر لعقود، لا يزال الإطار القانوني المنظم لحرية التعبير وحرية الإعلام قديمًا وغير متماسك. يعود القانون الرئيسي الذي ينظم الإعلام في ليبيا، وهو قانون المطبوعات، إلى عام 1972 خلال حكم معمر القذافي، والذي من المفترض أن يقتصر تطبيقه على وسائل الإعلام المطبوعة فقط. ويتسم هذا القانون بالطابع العقابي، إذ يفرض أنظمة ترخيص ورقابة مسبقة تمنح الدولة سلطات تقديرية واسعة للموافقة على منح أو رفض التراخيص، مما يقيّد حرية التعبير وعمل المؤسسات الإعلامية. وتنص المادتان 9 و10 من هذا القانون على ضرورة حصول وسائل الإعلام على موافقة مسبقة من إدارة المطبوعات لمباشرة نشاطها. كما تفرض عقوبة بالسجن لا تقل عن ستة أشهر على أي شخص يعمل دون بطاقة صحفية أو ترخيص.
وفي ظل غياب إطار قانوني شامل يحمي حرية الصحافة والإعلام، لا تزال القوانين القمعية الموروثة من حقبة القذافي سارية المفعول وتُستخدم لقمع الأصوات المعارضة وتقييد عمل الصحفيين. وتشمل هذه القوانين: قانون العقوبات لعام 1953 وتعديلاته، قانون مكافحة الإرهاب رقم 3 لسنة 2014، والقانون رقم 4 لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام قانوني العقوبات العسكرية والإجراءات العسكرية .وقد ساهمت التشريعات الأحدث، مثل القانون المثير للجدل رقم 5 لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية، في تفاقم البيئة القمعية للعمل الإعلامي. وتتعارض هذه القوانين بشكل مباشر مع الإعلان الدستوري الصادر عام 2011، وتعديلاته والذي ينص على حماية حرية التعبير وحرية الإعلام، وكذلك مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تُعد ليبيا طرفًا فيه.
ونظرا لغياب تشريعات موحدة وإطار تنظيمي شامل، ساهمت العديد من المراسيم الحكومية، التي تم اعتمادها خلال السنوات الأخيرة، بنية تنظيم قطاع الإعلام في تشكيل المشهد الإعلامي في ليبيا. ففي جوان/يونيو 2024، أصدر المجلس الوزاري المرسوم رقم 307 لسنة 2024، الذي أُنشئت بموجبه المؤسسة الوطنية للإعلام. وقد أعاد هذا المرسوم فعليًا إحياء مؤسسة الإعلام الليبية السابقة، التي تم إنشاؤها عام 2020 بموجب المرسوم رقم 597، لكنها حُلّت في وقت لاحق عام 2021 بموجب المرسوم رقم 116. واجهت المؤسسة الليبية للإعلام انتقادات، حيث أوصت منظمات حقوق الإنسان بإصلاح وضعها القانوني وتشكيل مجلس إدارة يتمتع بالاستقلالية والمهنية والنزاهة. ومع ذلك، تم حلها ونقل الإشراف على وسائل الإعلام العامة إلى ست وزارات وهيئات، بما في ذلك مجلس الوزراء، قبل إعادة دمجها في شبكة الإذاعة والتلفزيون بموجب القرار رقم 1004 لسنة 2022. وقد حذرت منظمات حقوقية آنذاك من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زيادة سيطرة الحكومة على الإعلام العمومي والتدخل في التحرير والمحتوى الإعلامي، مما يشكل انتهاكًا لحرية الإعلام واستقلاليته. ويشكّل هذا القرار تصعيدًا في حالة التخبط المؤسساتي، خاصة بعد إنشاء «المؤسسة الليبية للإعلام» من قبل الحكومة في شرق ليبيا في يونيو 2023.
وفي حين أن إعادة إنشاء المؤسسة الوطنية للإعلام قد يبدو خطوة إلى الأمام في بيئة تفتقر إلى هيئة تنظيمية موحدة وتتسم بتشتت النقابات الصحفية، لا تزال هناك مخاوف بشأن مدى توافقها مع المعايير الدولية لحرية التعبير. لاسيما أن القرار صدر دون استشارة أصحاب المصلحة من الصحفيين أو المجتمع المدني رغم تعهد حكومة الوحدة الوطنية، بموجب المنشور رقم 8 لسنة 2021، بإشراك النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني في رسم السياسات العامة لقطاع الإعلام.
ينص القرار على جمع عدد من الجهات والمؤسسات الإعلامية العمومية تحت سلطة المؤسسة الوطنية للإعلام، التي تشمل أيضًا الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي، وهي هيئة مسؤولة عن رصد وتتبع الإخلالات المهنية في الخطاب الإعلامي، إضافةً إلى مؤسسات حكومية تم إنشاؤها من قبل حكومة الوحدة الوطنية، ومن ثم ضمها إلى المؤسسة الوطنية للإعلام، ومنها صندوق دعم الإعلاميين، مصلحة الفضاء السمعي، وشبكة واسعة من الإذاعات العامة.
ومع ذلك، فإن تعيين رئيس المؤسسة ونائبه، مباشرة من قبل رئيس الوزراء، يثير مخاوف كبيرة بشأن استقلاليتها عن السلطة التنفيذية. يزيد هذا التركيز للسلطة من مخاطر السيطرة الحكومية على الإعلام العمومي والتدخل في القرارات التحريرية، حيث فشل القرار في ضمان مسار تعيين يضمن التعددية والشفافية، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحرية الإعلام. إن ما يثير القلق بشكل خاص هو الصلاحيات الواسعة للمؤسسة، على غرار إصدار التراخيص واذونات المزاولة لممارسة العمل الإعلامي والصحفي، والتي يمكن استغلالها لتقييد حرية الصحافة.
استمرار استهداف الصحفيين بـ الاعتداءات والاعتقالات التعسفية والاحتجاز
لا يزال الصحفيون في ليبيا يتعرضون لانتهاكات متعددة، بما في ذلك الاعتداءات والتضييقات، منذ أكثر من عقد، في ظل استمرار تدهور أوضاع حرية الصحافة. ففي 31 أكتوبر 2024، تعرّض الصحفي محمد صريط، رئيس تحرير صحيفة الحياة الليبية في بنغازي، للاختفاء القسري لمدة 20 يومًا، على خلفية منشور على فيسبوك انتقد فيه الأوضاع العامة. وقد أُطلق سراحه لاحقًا من قبل جهاز الأمن الداخلي في المنطقة الشرقية.
وفي 11 يوليو 2024، تم اعتقال الصحفي أحمد السنوسي، مدير صحيفة الصدى الاقتصادية، من قبل جهاز الأمن الداخلي في طرابلس، إثر شكوى تقدم بها وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية، وذلك بعد أن نشر السنوسي وثائق تتعلق بقضايا فساد داخل وزارة الاقتصاد والتجارة بالحكومة ذاتها.وفي سياق أوسع، يستمر محاكمة الصحفيين أمام المحاكم العسكرية. ففي مايو 2020، حكمت محكمة عسكرية في بنغازي على المصور الصحفي والناشط إسماعيل بوزريبة الزوي بالسجن 15 عامًا بتهم تتعلق بالإرهاب، استنادًا إلى محتوى عُثر عليه في هاتفه، من بينها رسائل تنتقد القيادة العامة للجيش الليبي وعملية الكرامة. وقد اعتقلته قوات الأمن الداخلي في أجدابيا في ديسمبر 2018، وتم الإفراج عنه في سبتمبر 2021.ومؤخرًا.
فيما لا يزال الصحفي صالحين الزروالي محتجزًا منذ مايو 2024، بسبب منشورات على فيسبوك تنتقد السلطات. ويُحاكم حاليًا أمام محكمة عسكرية في بنغازي، وظهر لأول مرة أمام المحكمة في 13 مارس 2025 بعد عدة تأجيلات. ولم يُسمح لمحاميه سوى بالاطلاع المحدود على ملف القضية.
ضرورة دعم إصلاح قطاع الإعلام بالتشاور مع المجتمع المدني
أدت الانقسامات السياسية المستمرة في ليبيا، إلى جانب المشهد الإعلامي المجزأ والمسيّس بشدة، إلى تعريض الصحفيين بشكل متزايد للتهديدات والمضايقات والاعتقالات التعسفية. كما تعمل المؤسسات الإعلامية في ظل خطر دائم من الرقابة أو الإغلاق المفاجئ، مما يقيّد بشدة قدرة الليبيين على الوصول إلى مصادر إعلامية مستقلة وتعددية، وهي ركيزة أساسية للحكم الديمقراطي.
تُعد حرية واستقلالية الإعلام أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز المساءلة، وتشجيع المشاركة المدنية، ودعم مسار ليبيا نحو الاستقرار والديمقراطية. وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، تدعو المنظمات الموقعة أدناه البرلمان الليبي إلى إعطاء الأولوية للتعاون مع المجتمع المدني والصحفيين والمهنيين الإعلاميين من أجل تطوير إصلاحات شاملة في قطاع الإعلام. ويجب أن تضمن هذه الإصلاحات استقلالية القطاع الإعلامي عن التدخلات التنفيذية، وأن تتماشى مع التزامات ليبيا الدولية في مجال حقوق الإنسان.
ومن الضروري تبني عملية إصلاح إعلامي جديدة عبر مقاربة شفافة وتشاركية تدمج الصحفيين والمؤسسات الإعلامية وممثلي المجتمع المدني. فعلى مدار سنوات، ظل المجتمع المدني المحلي يطالب بتشريعات تحمي حرية الصحافة وتُعزز استقلالية الإعلام وتعدديته وسلامة الصحفيين وفقًا للمعايير الدولية. ومنذ عام 2018، تُبذل جهود لاستبدال قانون المطبوعات والنشر القديم والمثير للجدل. وفي عام 2022، قامت المنظمة الليبية للإعلام المستقل بإعداد مشروع قانون لتنظيم الإعلام شارك في صياغته قانونيون وأكاديميون وصحفيون وبعض المهتمين من مؤسسات المجتمع المدني، وقد قُدم مجددًا خلال جلسات الحوار مع المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب في عام 2024. وقد قامت منظمة المادة 19 بتحليل مشروع القانون المقترح، وبينما تشيد المنظمة بهذه المبادرات وتقر بأن المسودة تحتوي على العديد من المواد الإيجابية، فإنها ترى أن هناك حاجة إلى مزيد من التنقيح لضمان التوافق الكامل مع المعايير الدولية.
وبناءً عليه، تدعو المنظمات الموقعة السلطات الليبية إلى اتخاذ الخطوات التالية:
- إلغاء القانون رقم 76 لسنة 1972 بشأن المطبوعات، واعتماد قانون إعلام شامل وجديد يتم تطويره بالتشاور مع المجتمع المدني، والصحفيين، ونقابات الصحافة، وجميع الجهات المعنية.
- إحداث هيئة تنظيمية مستقلة تُعنى بتعديل وتنظيم قطاع الإعلام السمعي والبصري، على أن تحظى بجميع ضمانات الاستقلالية المؤسسية والإدارية والمالية
- مراجعة وتحديث الإطار القانوني المنطبق على حرية التعبير والإعلام، بما في ذلك إلغاء المواد الواردة في قانون العقوبات التي تُجرّم التعبير، ومراجعة قانون الجرائم الإلكترونية رقم 5 لسنة 2022، وقانون مكافحة الإرهاب رقم 3 لسنة 2014، بما يضمن الامتثال الكامل لالتزامات ليبيا الدولية في مجال حقوق الإنسان.
- اعتماد قانون يضمن الحق في الوصول إلى المعلومات، باعتباره حجر الأساس في الشفافية والمساءلة وتعزيز حرية التعبير
- دعم برامج تدريبية للمحامين والقضاة في مجال حقوق الصحفيين وحرية التعبير، بما في ذلك التعاون مع مبادرات المجتمع المدني، من أجل ضمان تحقيق العدالة في القضايا المتعلقة بالصحافة
المنظمات الموقعة
- المنظمة الليبية للإعلام المستقل
- المركز الليبي لحرية الصحافة
- مجموعة رابسا للإعلام و الثقافة
- شبكة أصوات
- منظمة المادة 19
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- المؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية LIFIJ
الليبي لحرية الصحافة يُطلق تقرير بحثي حول حُرية الإعلام في عقد كامل.
عشر سنوات من حوادث العنف التي تُلاحق صحفيّو ليبيا.
بيان صحفي
طرابلس / 3 مايو 2024: يُطلق المركز الليبي لحرية الصحافة تقريراً بحثياً حول الاعتداءات التي طالت الصحفيين ووسائل الإعلام والتضييقيات التي قامت بها الحكومات المُتعاقبة ومجلس النواب، خلال العشر سنوات الماضية الممتدة بين 2014 إلى 2024 .
يأتي هذا التقرير البحثي بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس جمعية المركز الليبي لحرية الصحافة كأول منظمة غير حكومية ليبية تُركز على مراقبة أوضاع حرية الإعلام والتعبير في ليبيا.
يقدم التقرير البحثي رؤية واسعة وشاملة عما عاناه ويُعانيه الصحفيون وقطاع الإعلام الليبي خلال عقد كامل من الزمن، وكيف تتسلط الأطراف المُتحكمة بالمشهد الليبي عليهم وارتكابها لأعمال العنف والترويع وإسكات الأصوات وسط توغل الجماعات المُسلحة في مفاصل الدولة وتزايد سطوتها.
التقرير البحثي بني على جمع الشهادات ومستندات السابقة التي أُجْرِيَت خلال السنوات الماضية، كإجراء المقابلات من الضحايا والتوثيق معهم أو مع ذويهم، حيث سجل المركز الليبي لحرية الصحافة 488 انتهاكاً أغلبها انتهاكات كانت جسيمة وبطبيعة عنيفة.
كانت طبيعة وتصنيف حوادث الانتهاكات حسب الآتي:
القتل العمد-التهديد والشروع في القتل- الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري- الاعتداء بالضرب و الاحتجاز المؤقت- الطرد التعسفي والمنع من العمل- الهجمات والتحريض على وسائل الإعلام – الملاحقات القضائية
فيما كانت أبرز المدن الليبية التي يتعرض فيها الصحفيون للاعتداءات : طرابلس وماجاورها بمعدل 299 وبنغازي وما جاورها بنسبة 125 وتبقى السنوات المُمتدة بين 2014 و2017 هي الأعلى لمعدلات العنف التي لاحقت الصحفيين ووسائل الإعلام
كما يقدم التقرير البحثي تحليلاً قانونياً مفصلاً حول القرارات التي تتخذها الحكومات المٌتعاقبة شرقاً وغرباً، وتمس جوهر استقلالية وسائل الإعلام، وتوضح البيئة المعادية وممارسات الجهات الحكومية، خصوصاً الجهات الأمنية والعسكرية المنتشرة في عموم ليبيا ومحاولاتها السيطرة والتضييق على الصحفيين وأعمالهم
خلال عقد كامل من الزمن تعرض المئات من الصحفيين والمدوّنين والمدافعين على حقوق الإنسان لحوادث جمة من التعذيب والاختطاف والاعتقال والمنع من العمل، ويرتقي العديد منها لجرائم ضد الإنسانية، وسط ويلات النزاع المُسلح والتشظي وظهور زعامة بقوة سلاحها وعتادها لتفرض نفسها كلاعب في المشهد الليبي العام.
وبهذا الصدد يقول محمد الناجم المدير التنفيذي ” منذ تأسيسنا كان تركيزنا منصباً حول مكافحة الإفلات من العقاب وتوثيق جرائم العنف التي نوجهها كصحفيين عاملين في الميدان، ولقد حاولنا التسليط الضوء بقدر الإمكان عن الصعوبات التي تواجهنا، لكن العقد الثاني ظهرت لنا أنواع أخرى من التحديات والتضييقات التي علينا مجابهتها كذلك، ولعل أهمها سيطرة سلطات الأمر الواقع التي تفتقد للشرعية على إدارة وتوجيه الإعلام الليبي حسب مصالحها”.
ويُضيف الناجم “إن التقرير البحثي يستعرض ملخصاً لأهم المحطات التي تم توثيقها وجمعها في سجلاتنا للفترة الزمنية بين 2014 إلى 2024، فضلاً عن تحليل قانوني للقرارات الحكومية المُتعلقة بإدارة قطاع الإعلام الليبي التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة والقوانين التي تمس حرية التعبير التي اتخذها مجلس النواب الليبي، فضلاً عن عرض وتحليل لطبيعة وتصنيف الاعتداءات والمُدن التي حدثت بها وغيرها من البيانات التي توضح مدى تفشي ظاهرة العنف والاعتداءات الجسيمة خلال العقد الماضي، ويختتم التقرير البحثي بعرضِ للاستنتاجات والتوصيات اللازمة لتحسين قطاع الإعلام وحماية الصحفيين الليبيين”.
488 هي حصيلة ما وُثِّق في الفترة ما بين عامي 2014 إلى 2024 في أكثر من 16 مدينة ليبية، وهو رقم يُمثل جزءاً من سلسلة واسعة من حوادث العنف والجرائم التي تعرض لها الصحفيون والهجمات على وسائل الإعلام خلال عقد كامل من الزمن، فالكثير منهم يُفضل السكوت وعدم تقديم الشكاوى خوفاً من ردود فعل انتقامية من المُنتهكين الذين ينعمون بإفلات تام من العقاب في ظل الصراع السياسي والعسكري التي تعيشه ليبيا، فضلاً عن فرض القيود على الوصول للمعلومات والضغوط المهنية المُتزايدة على وسائل الإعلام الليبية.
لم يتّخذ أي من مجلس النواب أو الحكومات المُتعاقبة أي خطوات جدية وحقيقية نحو إصلاح قطاع الإعلام الليبي أو العمل على تعزيز حماية الصحفيين وتسهيل إجراءات أعمالهم الميدانية، بل إن الحكومات المتعاقبة ضالعة في فرض العديد من الإجراءات التعسفية على الصحفيين ومنعهم من العمل في العديد من المرات، وهنا يتضح كيف تستخدم الأطراف الليبية وسائل الإعلام كأداة سياسية.
خلال عقد كامل من الزمن عاش الصحفيون في ليبيا في ظروف استثنائية وصعبة نتيجة الوضع الأمني والسياسي المعقد وانهيار السلطة ودخولها في دوامة من التشظّي والانقسام، وسط مسلسل من العنف تتزايد فيه وجوه المتورطين التي يتحكم بعضهم على مقاليد الحكم في الوضع الحالي.
لتحميل التقرير:

